الثورة – ترجمة رشا غانم:
هناك أسلوب للتحليل والكشف السياسي مصمم في الغالب لإظهار عبقرية الأخصائي، فعزيزي المرشح، لو أنك قد اتبعت نصيحتي، لكنت فزت بأغلبية ساحقة.
وكما يمكن أن تكون هناك نظرة ثاقبة حتى في مثل هذه الجهود الذاتية، لكن صدمة فوز الرئيس السابق دونالد ترامب على نائبة الرئيس كامالا هاريس والتكاليف الباهظة التي قد تفرضها على أمريكا ألهمت الكاتب لسؤال مختلف، ألا وهو، لماذا فهمنا الأمر بشكل خاطىء؟
يقول الكاتب:” اعتقدت حقا أن هاريس ستفوز، وأنها أشعلت حركة بين النساء لمعارضة التراجع عن الحقوق الإنجابية، واعتقدت أيضا أن الناخبين سيقدرون التناقض بين توعية هاريس الموحدة عندما أغلقت حملتها الانتخابية ونهاية لعبة ترامب الغاضبة التي صيغت بلغة عنيفة ضد خصومه السياسيين.”
“نعم، يمكنك القول إنني أسأت تقدير المزاج الوطني، وكنت أحاول مواساة نفسي من خلال عزو السبب إلى الإيمان بالمواطنين، الذين لم أتوقع أبدا أن يعهدوا بالبيت الأبيض إلى شخص لا يحترم حرياتنا وحشمتنا الأساسية.”.
“ولكن الحقيقة هي أنني فاتني الإشارات والإحباطات التي كانت على مرأى من الجميع، فأسوأ جزء هو أنني كنت أستشهد بهم بانتظام عندما أصف العقبات التي اعتقدت أن هاريس كان تتغلب عليها، خمسة أرقام- ثلاثة عن الحقائق، واثنان عن المشاعر -تقطع شوطا طويلاً نحو شرح سبب فوز ترامب.
وقد كانت الحقائق جزءا من شريحة أدرجها خبير استطلاعات الرأي الجمهوري ويت أيريس بانتظام في عروضه التقديمية قبل الانتخابات، حيث يقارن أيريس متوسط معدل التضخم خلال فترة رئاسة ترامب وجو بايدن (1٪ مقابل 5٪) ؛ أسعار الفائدة (3 في المائة في عهد ترامب، و 6 في المائة في عهد بايدن) ؛ وسعر سلة طعام في السوق (100 دولار في سنوات ترامب، 125 دولارا في سنوات بايدن).
ولا ينبغي أن يفاجئنا أن الأمريكيين الذين ليس لديهم شهادات جامعية مازالوا مستائين بعد أربعة عقود من التغيير الاقتصادي الذي يفرض عليهم أثقل أعبائه، وستكون النتيجة مفارقة مريرة لبايدن، حيث تم توجيه الكثير من برنامجه لمساعدة أولئك الذين يعانون من أوضاع اقتصادية أسوأ، وارتفعت الأجور الحقيقية بعد التضخم أكثر في سنوات بايدن للعمال ذوي الدخل المنخفض.
هذا ولم يشعر معظم الناخبين بذلك، فقد قال 68 في المائة منهم لمنظمي استطلاعات الرأي في وسائل الإعلام إنهم صنفوا الاقتصاد ليس جيدا أو سيئا، وأيد 70 في المائة منهم ترامب، حتى مع مراعاة بعض التحيز الحزبي في تقييمات الناس للظروف الاقتصادية، فقد كانت مشكلة مميتة لهاريس.
يشرح رقمان آخران سبب سعادة الكثيرين بالإدلاء بأصواتهم لترامب: رفض 59 في المائة من الناخبين الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع وظيفته (44 في المائة بقوة)، وأخبر 64 في المائة منظمي استطلاعات الرأي في إبسوس أن البلاد كانت على الطريق الخطأ، وقال 17 في المائة فقط إنها تسير في الاتجاه الصحيح، وربما تكون معجزة جعلت هاريس تتقدم للانتخابات بأقرب وقت.
وإن هذا لا يعني التقليل من شأن التعصب العنصري والجنسي الذي لم يتم قياسه بعد والذي واجهته هاريس ولا ينبغي لأي شخص أن يتظاهر بأن الاقتصاد يفسر كل ما حدث. فقد كانت الهجرة قضية توقيع بالنسبة لترامب، كما هو الحال بالنسبة للأحزاب اليمينية في جميع أنحاء الغرب، وكانت الرسائل المناهضة للمتحولين جنسياً، المبنية على بيان هاريس لعام 2019 بأن الحكومة يجب أن تدفع ثمن “جراحة تأكيد الجنس، فكرة مهيمنة في إعلانات ترامب.
ولا يقدم التحليل الانتخابي أي راحة لنصف البلاد الذي لا يزال حزينا ومذهولا من أن النصف الآخر كان على استعداد للتغاضي عن خطاب ترامب الحارق وعدائه للتخصصات التي تتطلبها الديمقراطية الدستورية، وفي بعض الحالات احتضانه.
ويتابع الكاتب:” لكن قراءتي الخاطئة لعام 2024 قد تقدم بعض الدروس لأولئك الذين يتولون العمل الفوري للتحقق من أسوأ دوافع ترامب – ومهمة خلق أغلبية للهزيمة الترامبية.”
هذا ويجب استبدال المقاومة المشرفة والناجحة بشكل ملحوظ لولاية ترامب الأولى بحركة جديدة أكثر انسجاما مع السخط الاقتصادي الذي يستغله ترامب، كما يجب استدعاء خدعته الشعبوية مرارا وتكرارا، وكما يجب الكشف عن فشله في تقديم العلاجات، ويحتاج الديمقراطيون إلى علاجات مقنعة خاصة بهم.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي ربط الخطر الذي يمثله ترامب للمؤسسات الحرة بخطر الفساد الناجم عن تفانيه في التعامل مع المليارديرات الصديقين.
وفي توسيع ائتلافهم، يجب على دعاة الانفتاح الثقافي أن يظلوا ثابتين في الإصرار على المساواة في الحقوق والمساواة في المعاملة ولكن تجنب اللعب في الاستعارات، والمحاكاة الساخرة التي خلقها خصومهم. إن الحروب الثقافية المثيرة للانقسام ضرورية لمشروع ترامب، وقد فهمت هاريس ذلك.
ويختم الكاتب:” آخر شيء أراده خصوم ترامب هو أن يقضي أربع سنوات أخرى في محاربة أسوأ عاداته وميوله، ولكن الآن يجب علينا أن نفعل ذلك بشكل صحيح هذه المرة.”.
المصدر -واشنطن بوست