الثورة -المحرر السياسي:
تكتسب الذكرى الرابعة والخمسين للحركة التصحيحية المجيدة في هذه الظروف معاني متميزة، ونحن نواجه أخطر ما تعرضت له سورية في تاريخها المعاصر، حيث لايزال الغرب بقيادة الولايات المتحدة يستثمر الإرهاب بكل أشكاله ” العسكري والسياسي والاقتصادي” لمحاولة تحقيق ما عجز عنه طوال العقود الماضية، لجهة تدمير سورية، وسلبها قرارها الحر المستقل، إلا أن إرادة السوريين كانت الأقوى، فواجهوا كل أشكال العدوان، وأسقطوا بتلاحمهم ونهجهم الوطني كل مخططات الأعداء.
الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، كانت محطة مفصلية في تاريخ سورية الحديث، فلا أحد يستطيع الإنكار بأن سورية باتت ونتيجة سياسات وتوجهات التصحيح الرقم الأصعب في المعادلات الإقليمية، والرقم العصي على التجاهل والتجاوز في كل ما يتعلق بشؤون المنطقة ولاسيما القضية المركزية للأمة العربية وهي فلسطين، فكانت سورية عبر ذاك التاريخ المجيد عامل الأمان والاستقرار الحقيقي للمنطقة العربية بأكملها، لاسيما وأنها حملت هموم الأمة وقضاياها المصيرية انطلاقاً من تمسكها بالأسس والمبادئ القومية والوطنية الثابتة.
وكما أرست الحركة التصحيحية أسس ودعائم دولة القانون والمؤسسات ورسخت المبادئ والحقوق، فقد رسخت أيضاً بفكر القائد المؤسس حافظ الأسد مبدأ التسلح بالعلم والمعرفة ومحاربة الجهل والتخلف وتعزيز ثقافة المحبة والحوار والتسامح ومواجهة التحديات والضغوطات الخارجية بمختلف أشكالها وتسمياتها، وكرس نهجها ثقافة الصمود والمقاومة كمنهاج حياة، ونهج سياسي واستراتيجي.
في ذكرى التصحيح لابد أن نذكر حرب تشرين التحريرية، وهي إحدى نتاج التصحيح، حرب أعادت للجندي العربي ثقته بنفسه، وأسست لقيام جيش وطني عقائدي، إيماناً بضرورة حماية حدود الوطن وفرض حالة الأمن والاستقرار فوق ربوعه، وقد أكدت حرب الإرهاب على سورية أنها تهدف للثأر من انتصار الإرادة العربية في تشرين وضمان أمن “إسرائيل” وتغيير موقف سورية من قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
استمرار نهج التصحيح شكل ضرورة وطنية وقومية وخاصة في المرحلة الراهنة، وهو مايزيد من إرادة السوريين ووقوفهم بقوة في وجه الغرب المتصهين، وعدم السماح لمرتزقته بالنيل من سورية الحضارة والتاريخ، وعيون السوريين تشخص دوما إلى مستقبل مشرق يبنيه جيل عربي واع وقادر على الدفاع عن الوطن وتحصينه وتطوير مقدراته وتنميتها.
واليوم تكمل سورية مسيرة التصحيح بدماء أبنائها وإخلاصهم لسنوات التصحيح التي مرت مؤكدة تمسكها بثوابتها بالدفاع عن الأمة العربية ومصالحها ومستقبل أبنائها بعد أن سعت عبر سنوات التصحيح إلى تعزيز التضامن العربي ودعم مؤسسات العمل العربي المشترك وبناء منظومة الأمن القومي، وترسيخ الاستقرار والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، مستندة بذلك إلى تاريخ طويل وعريق من النضال يعبر عن أصالة الشعب السوري وروحه المفعمة بحب الانتماء والتمسك بالجذور.