الثورة- منهل إبراهيم:
تتصاعد المخاوف ليس فقط في أوروبا من فوز دونالد ترامب بالرئاسة في أمريكا بل في الداخل الأمريكي نفسه، فترامب يوصف بالرجل المشاكس وفي كل تحركاته لا بد أن تحضر المصالح وجني الأموال.
وتصاعدت التساؤلات حول الآثار المحتملة لفوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، على الاقتصاد الأمريكي والأسواق العالمية، خاصة بعدما تميزت فترة ما بعد الفوز بتقلبات حادة وارتفاعات غير متوقعة في أسواق الأسهم، ما أثار دهشة المستثمرين والمحللين الاقتصاديين.
وتناولت صحيفة فايننشال تايمز في مقال تحليلي الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة عقب فوز ترامب، وتأثير ذلك على حركة الأسهم الأمريكية والأسواق العالمية بصفة عامة.
وكتبت المقال غيليان تيت، التي سلطت الضوء على الارتفاعات القياسية التي سجلتها الأسهم بعد إعلان فوز ترامب، وهو ما اعتبره البعض غير متوقع.
وسعت الكاتبة إلى تحليل الأسباب التي أدت إلى هذه الارتفاعات واستشراف ما إذا كان هذا الاتجاه سيستمر أم يتوقف في المستقبل.
وقبل الانتخابات الرئاسية، كانت الأسهم الأمريكية تسجل مستويات مرتفعة بفضل توقعات النمو المستقبلي وزيادة الأرباح. وبعد فوز ترامب، تضاعفت هذه التوقعات، ما دعم ارتفاع الأسهم، خاصة مع الوعود بتطبيق سياسات اقتصادية تحفيزية مثل الإعفاءات الضريبية التي تهدف إلى دعم الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو عالية.
ذكرت تيت أن بعض القطاعات الاقتصادية قد تستفيد بشكل خاص في ظل إدارة ترامب، مثل قطاعي النفط والغاز الطبيعي، بجانب شركات التكنولوجيا الكبرى ورؤساء وادي السيليكون. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك القطاع المصرفي الذي قد يشهد انتعاشًا بفضل سياسات ترامب. من ناحية أخرى، قد تتأثر قطاعات أخرى مثل الطاقة المتجددة بسبب التركيز على السياسات التقليدية وإجراءات حمائية تشمل فرض تعريفات جمركية جديدة.
وأطلقت تيت على المقربين من ترامب وصف “أعضاء البلاط الملكي” الذين يتمتعون بعلاقة مميزة مع الإدارة. وأكدت أن الشركات التي تسعى للنمو في عصر ترامب قد تحتاج إلى بناء علاقات قوية مع المسؤولين وصناع القرار لضمان استمرارها في السوق وتحقيق مزيد من النمو.
ومن بين السياسات التي أثارت الجدل هي إعادة الشركات الأمريكية للعمل داخل الولايات المتحدة لزيادة فرص العمل المحلية، وهو ما قد يؤثر على الشركات العاملة في المكسيك وكندا. وأشارت تيت إلى تحذيرات السفيرة الأمريكية السابقة نيكي هيلي بشأن ضرورة إعداد خطط بديلة للشركات، لتجنب تأثير السياسات الأمريكية الجديدة.
ومن أهم المخاوف التي طرحتها الكاتبة، احتمالية ارتفاع الدين الأمريكي إلى مستويات خطيرة في حال تنفيذ وعود ترامب الانتخابية مثل خفض قيمة الدولار، وفرض تعريفات جمركية جديدة، وتقديم إعفاءات ضريبية ضخمة. قد يؤدي هذا إلى زيادة سندات الخزانة إلى أكثر من 9 تريليونات دولار، وهو ما يمثل تهديدا للاستقرار المالي للولايات المتحدة.
وتطرقت تيت إلى الضغوط التي قد تواجهها الاقتصادات الناشئة مع استمرار ارتفاع قيمة الدولار، ما يزيد من صعوبة تلبية التزاماتها المالية في ظل سياسات ترامب. قد تتفاقم هذه الضغوط مع فرض المزيد من التعريفات الجمركية، وهو ما سيعقد الموقف الاقتصادي لهذه الدول.
وفي نهاية المقال، أوصت الكاتبة بضرورة التنويع في الأصول لتجنب تقلبات الأسواق، مشيرةً إلى أن البيتكوين قد تكون جزءا من أصول الملاذ الآمن بجانب الذهب والدولار الأمريكي، خصوصا مع دعم ترامب للعملات المشفرة.
يشكل المقال رؤية متكاملة لتحليل تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، مع تسليط الضوء على الفائزين والخاسرين المحتملين في سوق الأسهم والأسواق الاقتصادية الأوسع.