الثورة – دمشق- غصون سليمان:
لم يكن “ملتقى الأدباء الصغار المركزي٢٠٢٤” بنسخته الثانية مجرد احتفال راق بالشكل والمضمون، ورسالة وطنية هادفة ببعديها التربوي والإبداعي، فقد اعتلت الحروف عتبات المعاني، وزينت مفرداتها صدر اللغة، تلك التعابير المنطلقة من حناجر يافعة أبهرت مسامع الحضور النوعي في مكتبة الأسد الوطنية تحت شعار: “أطفالنا.. طلائع الإبداع والمقاومة”.
فالاحتفال تجاوز الحالة التقليدية ليعطي كياسة المهرجان لونه ورونقه الإبداعي، ولأن الحنين بالحنين يذكر كان لهيبة المشاركين الذين غصت بهم قاعة المكتبة دموع من فرح وسرور على وقع مجموعة من الأغاني الوطنية والإنسانية المتنوعة، قدمها غناء وعزفاً أطفال منظمة طلائع البعث المميزون، بإشراف الفنان سليمان حرفوش، إضافة لعرض فيلم وثائقي بعنوان “ملتقى الأدباء الصغار” حول أنشطة ملتقى الأدباء الصغار ٢٠٢٣، تم فيه عرض نتاجاتهم الأدبية، وورش العمل حول القصة والرحل الترفيهية للمشاركين بالملتقى.. وسلط الضوء على عدد من الفائزين والمميزين من الأطفال عام 2023، من إعداد وإخراج زهير البقاعي.
احتضان الإبداع
رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية الدكتور محمد الحوراني أكد في كلمته أن الاتحاد يؤمن إيماناً مطلقاً برعاية المواهب الطفلية وتنميتها بالتشارك مع الاتحادات والنقابات والوزارات والمنظمات الأخرى، لافتاً إلى أن التعاون مع منظمة طلائع البعث هو عمل بدأت فكرته قبل عامين تقريبا بخلق الأجواء المناسبة لاحتضان الإبداع الطفلي وتنميته، والاهتمام بمواهب أطفالنا وتشجيعهم على القراءة قبل الكتابة، رغبة في خلق جيل واع وقادر على مواجهة التحديات والتمسك بهويته الوطنية، وثقافته القائمة على حب الوطن والانتماء إلى مبادئ الآباء والأجداد والشهداء الذين ارتقوا لتبقى ثقافتنا وقيمنا ومبادئنا راسخة رسوخ الجبال.
وقال الدكتور الحوراني: إن ما نلمسه من إبداع حقيقي لدى أطفالنا على الرغم من صعوبة الواقع المعيشي يحتم علينا جميعاً العمل لإيجاد استراتيجية قادرة على احتضان القدرات الإبداعية والطفلية وتنميتها باستزادة السلوك المعرفي والوجداني المرتبط بالتفكير لدى الأطفال، مؤكداً على العمل جميعا على إنشاء أكاديمية للطفل السوري المبدع تحتضن ثقافته وإبداعه، كما احتضن بلده وصانه بشغاف قلبه وأهداب عينيه.
وأضاف رئيس اتحاد الكتاب العرب.. هنا على هذه الأرض يتجذر الطفل إبداعاً وانتماء وأدباً، يليق بأمه التي طالما حبا شوقاً إلى صدرها، فعلى هذا الأديم يرسم أبناء الأرض نهجاً جديداً في مقاومة الوجع والمعاناة، بكتابات تليق ببهاء الوطن وثقافته التي سارت عليها مؤسساتنا أيام السلم والحرب.
أقلام واعدة
وبين الدكتور الحوراني في معرض كلمته أن الطفل السوري المبدع ما كان له أن يصل إلى هذه الدرجة من الوطنية والانتماء لولا المثل والقيم التي لم ولن يفطم أجيالنا منها، فاستحقت أن تحصد أفضل النتائج محلياً وعربياً ودولياً، وإذا كان الطفل السوري استطاع إحراز المواقع المتقدمة في المسابقات والجوائز زمن الحروب والكوارث، فما عساه أن يفعل لو توافرت له الظروف الملائمة كغيره من أطفال العالم.؟
رئيس اتحاد الكتاب العرب أثنى على الأقلام الواعدة والأرواح المعطاءة التي منحتنا خمسة كتب نقشت بأنامل النور وطهر الطفولة السورية، مؤكداً أن أقلام أطفالنا المبدعون اليوم، لا تبدع كتبا فحسب، بل هي سواعد مفتولة تعانق أطفال غزة وفلسطين ولبنان، وهي في الوقت عينه بندقيات تقف في صف المقاومين الأبطال، دفاعاً عن كل بقعة من هذه الأرض التي يراد لها أن تكون خاضعة للمحتل الصهيوني المجرم، لكن أشجار الزيتون ترفض أن يطفأ زيتها ليظل الطفل يحكي لأقرانه حكاية أرضه، لإيمانه العميق ببقائه حياً، حتى وإن قتل أو استشهد على أيدي الإرهابيين أو المحتلين، فكلماته يقرؤها الجميع قبل رحيله وبعده، وبها يوهب الطفل الحياة تلو الأخرى.
قادرة على الاستمرار
بدوره عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي- رئيس مكتب التربية والطلائع محمد عزت عربي كاتبي، بين أن هذه الفعالية تكاد تكون الأولى من نوعها، واصفاً العمل التشاركي بالمنتج والمثمر، وذكر مقولة للقائد المؤسس حافظ الأسد الذي أسس منظمة طلائع البعث عام ١٩٧٤، حين قال: “إنها تجربة صالحة للديمومة والاستمرار”، وقد أثبتت الأيام صوابية هذه الرؤية لهذه المنظمة الغالية على قلوبنا.
وأشار رئيس مكتب التربية والطلائع إلى أن التعاون مع اتحاد الكتاب العرب قدّم ما شهدناه ورأيناه من نتاجات أدبية للأطفال المميزين، كثمار لجهد منظمة طلائع البعث، ووزارة التربية، والأهالي الكرام الذين عملوا معاً إلى أن توج هذا المنتج الفكري بالتنسيق والتعاون مع الرفاق والزملاء باتحاد الكتاب العرب.
وبين كاتبي أن إعادة إعمار الوطن لا يقوم على جهة واحدة، وإنما يحتاج تضافر جميع الجهود بالمحبة والعمل والإخلاص وبذل الجهود والرؤى ووضع الخطط والاستراتيجيات، والابتعاد عن الترقيع والحلول الآنية، مضيفاً أن الإيمان بالعمل التشاركي سيثمر نتاجات إيجابية مناسبة.
وذكر عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن الأطفال المشاركين بهذا النتاج ولدوا تحت القصف والحرب والحصار الاقتصادي، وأثبتوا للعالم أنهم باقون كالجدار، فهؤلاء هم أبناء سورية، أبناء المقاومة والتشبث بالأرض، أبناء من ضحوا في سبيل عزة ورفعة وقدسية وطننا الغالي، وبالتالي هم قادرون على المقاومة والنصر والبقاء.
وقال: لولا تضحيات رجال الجيش العربي السوري البواسل وشهداء سورية عموماً، ما كنا لنجتمع اليوم ونشاهد هذا الأمل ونعيشه مع الرفاق الطليعيين.
توقيع الكتب
تضمن الملتقى حفل توقيع الكتب التي أصدرها اتحاد الكتب العرب لرواد منظمة طلائع البعث، وجاءت المؤلفات التي وقعّها المشاركون في نهاية الحفل بعناوين متنوعة، منها “غمار الروح” لتالا مراد، و”في انتظار الربيع” لجنى أبو فخر، و”أخبرتني العصفورة” لأنستازيا بشور، و”لا لليأس” لجولي دوبا، و”أقلام واعدة” وهو كتاب شارك في تأليفه كل من الأطفال: مريم سليمان، هلا يونس، لجين توتي، أنس سليمان، وارفة شبلي، تسنيم دياب، ولين علي.
حضر الحفل عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي- رئيس مكتب الإعداد المركزي سمير خضر، وأمين فرع حزب البعث العرب الاشتراكي بدمشق حسام السمان، ووزير التربية الدكتور محمد عامر المارديني، ومحافظ ريف دمشق أحمد إبراهيم خليل، والأب اليأس زحلاوي، وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وأعضاء مجلس الشعب والمثقفين والمهتمين بالأدب وأهالي الطليعيين.