احتكار الحقوق وتأطير الإبداع

الملحق الثقافي-حسين صقر:
سؤال يتبادر للأذهان دائماً، كم من شبابنا في الخارج والداخل حصلوا على جوائز عالمية، في العلوم والرياضيات والفنون والطب وغيرها.
وبالرغم من قلة أعدادهم، مقارنة بالتعداد السكاني للعالم العربي، إلا أنهم يشكلون نسبة تستحق الذكر، ولهذا نتوقف لنسأل ثانية كيف يكون للإبداع حدود، وكيف يتحرر من ذلك، وما العوامل والأسباب التي تجعل الإنسان منطلقاً هائماً في دهاليز البحوث والاستكشاف، وبين صفحات الكتب والقراطيس، وكيف يكون بعيداً عنها، لا دافع لديه للقيام بأي عمل.
فاحتكار الحقوق، وذهنية التحريم، في المجتمع العربي، تعد أحد الأسباب المهمة إما للانطلاق والانعتاق والخروج من عنق الزجاجة، إلى سماء المعرفة، أو تجعل هذا الشخص أو ذاك قاعداً يائساً منطوياً لاحيلة له ولاقرار.
فغالباً ما يطرق باطلاً ذاك الموضوع الإشكالي الذي يتهم العقل العربي بالعقم وانعدام الحيلة، وبأنه فاقد القدرة على التطور والإبداع.
بالطبع ليس العرب كأفراد مستقلين، لأن الكثير من الشباب العربي يبدعون خارج حدود أوطانهم، وفي بيئات مختلفة عن تلك البيئات التي تسود ساحة الأوطان، وذلك نتيجة انعدام تكافؤ الفرص، وعدم وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، وإذا كان الشخص مناسباً لا يستمر، لأن عشرات الأشخاص سوف يسألونه، لماذا تحمل السلم في العرض، وهل أنت قادر على الإصلاح الحال، حيث لن يصلح العطار ما أفسد الدهر.
المشكلة الكبرى هي أن بعض الناس الذين يُحسبون على المثقفين، وإلى يومنا هذا، لم يعلموا سوى الكذب والنفاق والرياء، وعليه، مازال البعض ممن تعلموا على أيدي أولئك، لايدركون حجم الكارثة، ويظنون أنفسهم على صح والباقي على خطأ، ومازالوا يعيشون على الأحلام لظنهم أن الوصول إلى المجد، لايحتاج السير في الطرق الوعرة، مادامت هناك طرق سهلة، غير مدركين أن الطرق السهلة تعلم على التبلد وتجعل الحالم أسير من فتح له ذاك الطريق، فتراهم يقتاتون على ما يقوله السلف، ومايستحيل معه قيام مجتمع حر بما للكلمة من معنى.
ولهذا يظن الكثيرون أن المجتمعات العربية لم تكن ذات يوم مناخاً خصباً للإبداع المعرفي، وهذا يعود الى سبب رئيسي، وهو أن الدافع الأساسي للإبداع عند الإنسان العربي بشكل عام هو البحث عن السعادة في الدنيا، والبحث عما يريحه من طائرة وحاسب ورائي ومذياع، وسفينة وهاتف وو والقائمة تطول، بغض النظر عن الطريقة التي صنعت بها والوقت الذي أخذته والجهود التي استهلكتها.
إذا فمهوم البحث عن مايسمى السعادة اليومية، هو العامل الرئيسي للتطور والصيرورة في كل المجتمعات، وهذا الفكر والاعتقاد ساهم في ترسيخه المستعمر، وذلك بهدف احتكار الحقوق العامة لمصلحة طغيانه، لأن الشعب المغتصب لا يطالبه بالوظيفة الأساسية المفروضة عليه، وبالحقوق البسيطة له، ولهذا يعيش الناس يومهم دون التفكير بمستقبلهم ومستقبل أولادهم، وتكون النتيجة بالتالي عقم العقل العربي كمجتمع ودول، وعدم قدرته على إنتاج المعرفة.
من ناحية ثانية يعاني الناس في البقعة الواحدة المحسوبيات والمحاباة، وترى من يحاربون الناجح أكثر بكثير ممن يقفون بجانبه ويسعون لتذليل الصعوبات أمامه، والفرق بيننا وبين الغرب، أنهم يبحثون عن أذكى شخص ويضعونه لتعليم من هم أقل منه كفاءة، فيصبح الجميع معطاءين مبادرين ناجحين، بينما عندنا يضعون الأقل كفاءة على عشرة أذكياء، فيقتل عندهم روح المبادرة والعطاء والرغبة في الإنتاج، لأن من وضعه، وضعه لمنافعه الشخصية وكي لايقول له: كلمة لا، ولايناقشه، وتقتصر مهمته على التوقيع فقط وتنفيذ ما أُمر به.
                           

العدد 1215 – 26 – 11 -2024 

آخر الأخبار
دمشق تحتفي بأطباء الحرية وذاكرة لا تموت  الدبلوماسية السورية.. من التبعية والعداء إلى الاستقلالية والانفتاح   "صوت السلام" فعالية مجتمعية في طرطوس تشعل الفرح وتزرع الأمل   صحة المرأة في مواجهة سرطان الثدي: الوعي والدعم مفتاحا النجاة    الشيباني: الدبلوماسية السورية متوازنة ومنفتحة على الحوار والتعاون  سوريا تنضم إلى "بُنى".. انطلاقة جديدة لتعزيز  التعاون المالي الإقليمي والدولي  زيارة وزيري الاقتصاد والمالية إلى واشنطن..  تعزيز الشراكة وكسر العزلة  لجان وآليات لدفع التعاون بين الجمعيات الخيرية نحو آفاق من التأثير  الفضة مقابل الذهب..هل يمكن ضمان نفس مستوى الأمان؟    تأهيل 750 مدرسة وترميم 850 أخرى ووعود بتأمين مقعد دراسي لكل طالب   فريق الهلال الأحمر الجوال  بالقنيطرة.. خدمات طبية للمجتمعات المحلية   تكاتف سكان "غنيري" ..استعادة لبعض الخدمات وحاجة للاهتمام   إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو    انطلاق أول معرض للتحول الرقمي بمشاركة 80 شركة عالمية  ضحايا ومصابون بحادثي سير على أتوستراد درعا- دمشق وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)