بدأ الشتاء وبدأت معه آلية التعامل مع مسؤولي مراكز الكهرباء ذاتها تدور وتُعاد، فمع قليل من البرد تختفي الكهرباء، تسأل فيجيبونك بأن الشتاء ذروة الاستهلاك، ويدخل الصيف فتختفي الكهرباء، وتسألهم فيجيبون أن الصيف قد جاء وهو ذروة الاستهلاك، وبين هذا وذاك أيام قليلة جدا من الراحة الكهربائية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر في المزة شيخ سعد، وهي من المناطق الحيوية والمهمة والتي توصف بأنها من الفئة جيدة الخدمات، تصل الكهرباء إليها ساعة كل ست أو سبع ساعات، ولكن يومي الخميس والجمعة الأخيرين وصلت بمعدل أربع دقائق بعد سبع ساعات من القطع، لتختفي ست ساعات أخرى وتعود للظهور مجددا بمقدار 20 دقيقة، ومن ثم اختفت لنحو خمس ساعات، من دون أن يتمكن أحد من فك شيفرة هذا التقنين ومزاجية المعني بالأمر.
إن كان التقنين سيبقى هو هو فلماذا التذرع بالفيول والغاز والمحطات وتعمير المحطات وسواها، وإن كان ما من توليد للكهرباء فكيف نبرر التقنين “العادل” في بعض أحياء دمشق بمعدل ثلاث ساعات بثلاث مثل أبو رمانة؟
إن كان غلاء المنطقة هو السبب، فكيف نبرر القطع الجائر في أحياء مشروع دمر وتنظيم كفرسوسة، حيث تقطع الكهرباء لنحو ست إلى سبع ساعات في كل فترة وهما منطقتان مساويتان وتفوقان تلك الأولى في الغلاء وأسعار العقارات؟
يبدو أن المسألة متعلقة بمزاجية البعض في الكهرباء والتفاهمات التي تتم معهم عن طريق الفعاليات التي تبرم هذه التفاهمات، ولا نذيع سراً إن قلنا إنها المولات والمحال والمطاعم والمقاصف وسواها، وهي مسألة توجب المحاسبة كما حدث العام الماضي حين أُحيل بعض موظفي الكهرباء إلى القضاء والتحقيق بتهم متعددة تتعلق بالتقنين والخطوط المعفاة غير الشرعية وكثير من التجاوزات من هذا النوع.. ولكن ها هي الكرة تعود مجدداً.
سبق لي أن سألت مفصل كهربائي في مرحلة قريبة عن الخطوط المعفاة من التقنين في دمشق، فكاد يصاب بنوبة قلبية من غلظة الأيمان التي أقسمها وغلظتها بأن ما من خط في طول دمشق وعرضها معفى من التقنين، ورغم أن الإضاءة والكابلات تكذّب أيمانه إلا أنني اكتفيت بالصمت، ليتم بعد أيام قليلة تسريب كتاب من رئيس مجلس الوزراء إليه بقطع الخطوط التي منحها الإعفاء من التقنين بتوقيعه.