تجهل السبب الذي جعلها تستبدل كلمة “ذات” بـ (أنا) حين قرأتْ عنوان الكتاب بول ريكور (الذات عينها كآخر)
بدا لها أن عبارة (الأنا عينها كآخر) أكثر حميمية.
لطالما فرّقتْ بين مفردة (الأنا) وبين مفردة ( الذات)، بكون الأولى تختصر جوهرنا وقعر سرّنا الدفين.. وأنها أكثر التصاقاً بتلك الشيفرة الآدمية التي تمنحنا “أس” الأصل.. وبكل ما يعبّر عن الاختصار الأنسب لبدائيتنا وبريتنا البكر.
بينما (الذات) فتأتي وكأنها ذاك الرداء الذي نرتديه لكي نحمي “الأنا”.. مكونةً من كل الخبرات والتجارب والمعارف التي تجود بها الحياة علينا.. وبالتالي هي متجددة وذات طبيعة متحركة.. متحوّلة.. وغير ثابتة.
في مؤلفه يختصر العنوان أحد أهم الأفكار التي ناقشها “ريكور” (الذات عينها كآخر) تلك العلاقة ما بين الذات/الأنا والآخر.. وكيف أن وجود الآخر أكثر من ضروري ومهم للوصول الى “الأنا” وفهمها.. وأيضا لتكوين “الذات”.
يذكر ريكور: (أن الإنسان السعيد يحتاج إلى الآخر)..
ويستنتج (الآخر ليس نقيض النفس أو المقابل لها، ولكنه ينتمي الى التكوين الحميم جداً للذات)..
(الآخر ينتمي إلى التكوين الحميم للذات).. في دائرة تطور “الذات” وتجدّدها لعلها تصبح آخر مع مرور الوقت.. آخر ليس بالضرورة منفصلاً عنها/عنا.
تلاعب تلك الافكار.. وتلاعبها بدورها.. وهي متأكدة تماماً أنها (آخر) غير ما كانت عليه قبل ثماني أو عشر سنوات أو أكثر..
هي غير ما كانت عليه قبل بضع الوقت.
كم نحتاج إلى (الآخر) كي نكتشف (الآخر) الذي نجهله في داخلنا..؟
مع ملاحظة أن (الآخر) الأولى تشتمل على كل ما هو في الخارج.. كل ما هو ليس “أنا”.. وصولاً إلى (الآخر) الذي يشتمل عليه (الأنا)..
وهو ما يفسر قول “ريكور”: (الآخر ينتمي إلى التكوين الحميم للذات).
بالنسبة لها، أن ينتمي الآخر للتكوين الحميم لذاتها يعني أن يكون قادراً على مساعدتها في التقاط منحنيات شخصيتها أو منحنيات “هويتها الذاتية”، بتعبير ريكور، وألا يكتفي بذلك بل يشدّ يده على يديها في رسم تلك المنحنيات بالخطوط الواضحة التي تعلّم لإبراز بصمتها الخاصة..
حينها.. وحينها فقط لعلها تجرؤ على محو الكاف في العبارة لتصبح (الذات عينها آخر).. متحوّلة إلى (الآخر عينه الذات/الأنا).