الثورة – رنا بدري سلوم:
حبيبتي، هذه المرّة لن تسأليني عن حالة الطقس، ولن تخافي عليّ من النسمات الباردة، ولن تقولي لي إيّاك أن تطمئن لشمس الشتاء، سلمنا الحمدلله من سيّارات العدو بعد أن أحاطت بنا من كل حدب وصوب، رغم معركتنا الطاحنة قاومناهم ودحرناهم، استشهد رفاق السّلاح الذين قضيت معهم طوال سنوات الخدمة الاحتياطيّة، استشهدوا أمام عينيّ فكان الموقف الأول أنني لم أبك وهم أمامي جثثاً هامدة على وجههم آيات النور والشهادة.
لحظتها، شيء في جوارحي قد تفجّر هذه القوة الغاضبة التي لا تلين لجيش لطالما كنّا ومازلنا أبناءه البررة، لن نساوم ولو لم يبق في اليد سلاح إلا اليد والحجر، لن نتراجع فكوني مطمئنة على هذا البلد الآمين، رسالتي لكِ علّمي طفليّنا أن الوطن غالٍ والأرض كالعرض لا نفرط بها مهما ساومونا عليها، وأننا حرّاسها حتى آخر رمق، لتحريرها من رجس العصابات الإرهابيّة التكفيريّة، قولي لهما أن علمنا السوريّ هو بيرقنا الوحيد وأننا مؤمنون بقيادة حكيمة لبلد تؤمن بالتعدديّة والاختلاف تتقبّل الآخر بعقلية منفتحة مرنة تسعى نحو الأفضل في كل المسارات، عقليّة تؤمن بالعقل والثقافة والعلم وتحترم اختلاف الأديان، ولطالما عشنا على مبدأنا.. ديننا لله ووطننا للجميع.
مهما زاد الشوق بنداءات الحياة، مهما ازدادت شراسة الأعداء ووحشيتهم سنقاومهم ولابد أن نخرج من هذا النفق المظلم لأننا نتبع نور الوطن نور الحريّة نور الشهادة مهما كلّفنا الأمر.
أستودعكم عند الله الذي لا تضيع ودائعه.. أستودع قلبي جيشي وسوريّتي، وفي القريب العاجل وبزمن النصر القريب سأعاود الاتصال بك.