الثورة – لميس علي:
تأتي الكلمة التي ألقتها الممثلة الهوليوودية “ديمي مور” لدى تسلّمها جائزة أفضل ممثلة كدور رئيسي عن الفيلم الكوميدي (المادة)، وكأنها أفضل طريقة لزيادة التسويق للفيلم المذكور.
ما جعل كثيرين يتابعون العمل الذي هو من إخراج الفرنسية “كورالي فارجيت” وكان حصد جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان الماضي.
فما هي تلك (المادة) التي كانت عصب الفيلم أو السبب الذي فجّر دواخل البطلة (إليزابيث سباركل، ديمي مور)؟
لم تكن سوى قشرة خارجية أظهرت بواطن المرء/ إليزابيث ونقلت عوالمها الداخلية المخبوءة إلى العلن.
كيف يمكن للمرء أن يواجه بشاعات ذاته.. وتلك الرغبة في تحصيل الشهرة والشباب الدائم؟
موضوعة الجري وراء الأضواء والبقاء في حالة الصبا والجمال الدائمين، ليست جديدة.. لكن فيلم (المادة) قدّمها ضمن أسلوبية إخراجية تمزج ما بين الكوميديا السوداء والرعب والخيال العلمي.. ويمكن إدراجه أيضاً ضمن سينما العنف والقسوة لشدّة لعبه على وتر تصعيد نسبة النفور والتقزّز حدّ القرف من عدّة مشاهد بالغت في هذا الاتجاه.
لماذا ذهبت المخرجة إلى هذا الخيار..؟
وكأنها كانت تقابل تلك الرغبة المُلحة لدى أنثى هذا العصر باكتساب المزيد من الجمال والشباب الظاهري عبر الكثير من مشاهد النفور والقرف من بشاعةٍ ظاهرية صار إليها حال البطلة (إليزابيث) وتلك النسخة التي خرجت منها الشابة (سو، ماغريت كوالي).
وهنا.. النقطة الجوهرية في الفيلم..
فكلا النسختين الأولى نجمة الميديا (إليزابيث) والثانية والتي ليست سوى إحدى نسخها، كما يؤكد دائماً الشخص الذي تواصلت معه لحصولها على (المادة) التي ستُعيد إليها الشباب والجمال، ليستا سوى واحدة.
هل يعني ذلك أننا لسنا سوى الشيء وضدّه..؟
فحالة (التضاد/التقابل) لدى البطلة ونسختها الشابّة والتي اشتغلت عليها المخرجة بصرياً، رسّخت لدى المتلقي الإحساس بالمزيد من (الضدّية) بين الأُنثيين.
لماذا لم تكونا في حالة انسجام وتوحّد ولماذا بقيت كل واحدة من النسختين تبالغ وتُمعن في إزعاج الأخرى؟
أسلوب الإخراج سعى إلى عكس شيء من الصخب البصري/ السمعي إظهاراً لحالة الصخب الذهني التي تعاني منها البطلة (إليزابيث).. ولأجل ذلك تمّ توظيف المؤثرات البصرية وكما لو أنها مجرد أداة لزيادة حدّة التضاد بين طرفي “اللعبة”.. لعبة الاستنساخ.
ويبدو أن ما ظهر من نسخ (المصفوفة) الخاص بكل شخص، وهو هنا في الفيلم (إليزابيث) نجمة الميديا، التي بدأت شهرتها بالاضمحلال والتلاشي، يعتمد على هواجس المرء.. أكبرها وأكثرها سيطرةً عليه.
وكلّما زادت نسبة تلك الهواجس التي بدت ذات أبعاد ظاهرية تبتغي الشهرة والشباب الدائمين، أي الاهتمام بأشياء غير جوهرية، كلّما كانت نتائجها أكثر كارثية على المرء نفسه.
لماذا لم تحقق كلتاهما التوازن المطلوب؟
فبقيت حالة الطمع بالمزيد من النجاح والشهرة والجمال لدى (سو) تقابَل بالمزيد من البشاعة والشيخوخة لدى (إليزابيث).
إذاً.. التوازن هو الوصفة المثالية لتحصيل الحياة المرغوبة والمأمولة.. ورغبة الإنسان بالبقاء جميلاً على حساب أشياء أخرى أكثر جوهرية، تخلّ بقانون (التوازن).
من أكثر الأشياء التي بدت حادة وصادمة في الفيلم كونه بالغ بحالة التشوه والقبح التي صارت اليها (إليزابيث) مبالغة، غالباً، كانت مقصودة وبالوقت ذاته كانت مُتعبة ومُرهقة للمتلقي.
يبدو أن “فارجيت” أرادت أن يواجه أي منّا الجانب البشع من هواجسه التي تتحوّل إلى غول بغيض يأكل أعماقه إن لم يسيطر عليها، بقوة.