العصا السحريّة لتحقيق أحلامنا.. معاً لبناء ثقافة مؤثّرة

الثورة – رنا بدري سلوم:

لا ثقافة تعلو فوق إنسانيّة الإنسان، وإلا لا حرية مسؤولة تنتج فكراً يحترم إنسانيّة الآخر ويتقبّل الاختلاف ويعيد صياغة فكر مرن قادر على التجديد والتغيير والإبداع، وهنا تكمن أهمية الثقافة ودورها في خلق كل ما هو جديد يصدح بآلام الزمن ووجوديّته وآنيّة موقعه ووقعه في المجتمع الذي يعتبر الثقافة صورته الجميلة وصوته المسموع وحاجاته وكماليّاته في آنٍ معاً، باختصار الثقافة اليوم هي العصا السحريّة التي يحلم بها المثقفون باختلاف فنونهم، مسرحيّون فنانون أدباء شعراء خطباء وقادة فكر، يحلمون في بناء سوريا حرّة تتسع السوريين، سوريا الحضن الذي نادى منذ بدء الثورة أبناؤه بالحريّة والرجوع إليه، وسوريا اليوم تعتمد على أفكار أبنائها الأحرار في بناء ثقافة تعيد صياغة التاريخ وتسعى للانطلاق إلى مستقبل نرنوا به لفكر متحضّر يحافظ على موروثنا الثقافي وهويتنا العربيّة والوطنيّة في رسم ملامح سوريا حرّة أبيّة نحلم بها.


ومن هنا توجهت بسؤال إلى بعض المثقفين والمؤثرين في مجتمعهم، “ما دور الثقافة والمثقفين في المجتمع والحياة، ولاسيما في مرحلة بناء سوريا الجديدة؟ “وقد صبّت الإجابات جميعها في بوتقة واحدة وهي الحريّة والالتزام والوعي.
الحريّة بعيون الشّعراء
يشترط علينا عند خلق ثقافة تحترمنا جميعاً أن تكون بأيادٍ أمينة وفكرٍ صالح ومنهجٍ رشيد- وفقاً لما ذكره كاتب أدب الطفل وأحد مؤسسي اتحاد الكتاب العرب الشاعر صبحي سعيد قضيماتي، الذي تمنى على من يقود الشأن الثقافي أن يمتلك قلباً مليئاً بالحب للوطن، ليسير الوطن صاعداً إلى قمم المجد والتطور والحداثة، حينها سيكون هناك ثقافة حقيقة تمثلنا جميعاً.


في حين رأى الناقد والشاعر جابر أبو حسين، أن سوريا الجديدة لا يمكن أن تبنى بلا دور فاعل للمثقفين وأهل العلم والفكر، وقد حان الوقت للخروج من القوقعة، ونفض الغبار عن الماضي وارتكاساته التي أثقلتها الشعارات الجوفاء، وأدمت أجنحتها السلاسل، حان الوقت لخروج الفينيق السوري الذي أذهل العالم عبر التاريخ من تحت رماده، محذراً من عودة التكلّس بأشكال مغايرة وتصنيع القيود بقوالب أخرى وأدلجة الثقافة.
وأكد أنه مع توحيد موقف المثقّفين على اختلاف رؤاهم وآرائهم وطرقهم ومشاربهم ليكونوا حاضرين بقوة في صنع المشهد المقبل ووضع اللبنات الأساسية المتينة لمستقبل سوريا.
وأضاف: المطلوب اليوم من المثقفين والأدباء والمفكرين والمشتغلين في جميع الحقول العلمية والبحثية أن يرشّحوا ممثلين قديرين جريئين عنهم إلى مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده قريباً بورقة عمل واضحة، وأن يكونوا ثابتين فاعلين مؤثرين موجودين فيما بعده، وعليهم ألا يسمحوا لأحد بتحجيم وتهميش دور الثقافة والأدب والفن.


فيما توضّح الأديبة والشاعرة ماجدة أبو شاهين أنّ المثقفين لهم دور كبير ومهم جداً، لأنهم يدركون ظروف بلدهم ومتطلباته في النسيج المجتمعي، ولأنهم، برأيها يمتلكون نظرة ثاقبة ويعرفون خفايا الأمور، فقراءاتهم في التاريخ وفي تجارب الشعوب عميقة، وهكذا يُفترض أن تكون، والأهم أن يصل رأيهم إلى مجتمعهم وأن يستطيعوا تشكيل رأي عام يُفضي إلى الاتجاه الصحيح أو يدور حول فكرة جيّدة تخدم بناء الدولة السوريّة المدنيّة الجديدة، وإبعاد المجتمع عن الأفكار الهدّامة مثل الطائفية أو التفرّد بالرأي وإقصاء الآخر، وهو ما يتطلب التأكيد على الوعي واليقظة وفهم المتغيرات ورسم الأهداف المستقبليّة وإتقان فن التواصل مع شرائح المجتمع المختلفة.
وعي وثقة مجتمعيّة
لطالما خصص الدكتور الشيخ علاء الدين الزعتري منصته الإلكترونية لمجتمعه لتقديم الجلسات الثقافيّة والتعليميّة لتصحيح فكر الإنسان وتقييم سلوكه للارتقاء به نوراً وتنويراً مواكباً العالم الرقمي، وبرأيه عند سؤالنا عن دور الثقافة في المجتمع أن التعاون والتماسك والتعاضد والتأكيد على القيم الأخلاقية هي أساس ثقافة مجتمعية سليمة تنتج مفهوماً واضحاً بأسس علميّة، لا أن نضيّع الوقت في مناقشات لا جدوى منها، بل أن نتيقّن ونعطي الوقت الكافي لمرحلة البناء التي تحتاج لتضافر كل الجهود.


بينما يجد رئيس فرع دمشق للجمعيّة العلميّة التاريخية السورية الدكتور زياد قدور أن أهم دور في المرحلة القادمة لبناء سوريا الجديدة هو إعطاء النخب المثقّفة أولوية الحضور في المشهد الثقافي من خلال إعلاء صوت الوعي المسؤول بالهويّة الثقافية والانتماء الوطني.
صوت المسرح والفن

إن دور الثقافة لا يقل أهمية عن الدور السياسي، والثقافة مهمة مثل أي قطّاع حكومي يأخذ دوره الكامل- بحسب المسرحي الفنان فراس المقبل، الذي يعوّل على أهمية عمل وزارة الثقافة كوزارة مثل وزارتي الخارجيّة والدفاع وغيرهما، مشيراً إلى أن الدول المتقدّمة تعتمد على الثقافة ومؤسساتها في نشر الوعي بين الأشخاص لبناء إنسان واعٍ سليم مثقّف ومسؤول وذلك من خلال رسائل ثقافية هادفة، وهو ما تحتاجه سوريا الجديدة اليوم بدءاً من المسرح

“أبو الفنون” ومروراً بالموسيقا والدراما وصولاً إلى الفن التشكيلي والنحت، إضافة إلى الندوات الثقافيّة.. من هنا يبدأ بناء سوريا التي تجمع أطياف الفنون بتكاتف جميع المثقّفين والفنانين وكل ما ينضوي تحت وزارة الثقافة من مؤسسات تعنى بالشأن الثقافي، موضّحاً أنه من المهم التأكيد على الموضوعات الثقافيّة والمجتمعيّة التي تبصر النّور في مرحلة جديدة بعيداً عن ثقافة كانت بالية ومتعبة أرهقتنا جميعنا.
المحبة والإخلاص للعمل
وليكن ختام هذه الآراء القيمة بالموسيقا التي لم تكن بعيدة عن الإيمان بالذات وخلق مساحة حريّة لموهبة أنعم الله على الإنسان بها وفقاً لما بينه الفنان والعازف جميل صبوح، مؤكداً أنه لكي نبني ثقافة مجتمع ما، علينا أولاً بالمحبّة والإخلاص بالعمل الموكل إلينا وتعزيز الموهبة وتطويرها، وإن ثقافة الإبداع هي المثلى لإرشاد الجيل الجديد إلى الانطلاق من الذات نحو احترام وتقدير الناس باختلاف آرائهم ومعتقداتهم، وإعلاء ثقافة الإنسان السوري ماضيه ومستقبله، لبناء سوريا الحرّة التي لطالما كانت وستبقى رمزاً للحضارة العربية الأصيلة.

#صحيفة_الثورة

 

آخر الأخبار
اللواء أبو قصرة: "قسد" لن تحتفظ بكيان مستقل داخل الجيش الشرع والشيباني يستقبلان وفداً نرويجياً.. النرويج تأمل بإعادة فتح سفارتها وسوريا ترحب بالشراكات الاس... حملات نظافة مكثفة لإظهار جمالية مدينة درعا مستشفيا الميادين والبوكمال في الخدمة قريباً AL JAZEERA": سجون الأسد تركت جروحا عميقة الشرع يلتقي وفد الجامعة العربية زكي: حوار صريح حول مستقبل سوريا.. الشيباني: صفحة جديدة مع أشقائنا الفنان محمد خيري الكيلاني.. عطاء لا ينضب بمبادرة أهلية.. رفع علم الثورة وزراعة الأشجار في ضاحية الشام هكذا سرق النظام البائد دخلنا المتهالك بذريعة الدعم.. ووأد فساده كفيل بتحسين معيشتنا "بيت خالتك" و"فنجان قهوة".. لغة مشفرة استخدمها السوريون في ظل النظام البائد خط إنتاج جديد لمخبز داعل الاحتياطي في درعا في جبلة.. سرافيس بالجملة وكراج ينتظر الركاب لقاء القائد الشرع والسيد الشيباني مع وفد جامعة الدول العربية ضبط أشخاص يقطعون الأشجار والتحطيب في درعا فزعة أهلية لتشغيل بئر مياه موثبين بدرعا مشايخ وعلماء مدينة حلب يباركون للقائد الشرع انتصار الثورة الرئيس أردوغان يستقبل الشيباني في أنقرة 6 دول أوروبية تدعو إلى تخفيف العقوبات على سوريا طلبة جامعيون لـ "الثورة": أجور النقل بين العاصمة والريف مرهقة لنا القائد الشرع يلتقي وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة