بالثمانين من عمره ويدرس الصحافة ويفاجئ الجميع بشخصيته الاستثنائية.. فمن هو وما قصته؟

الثورة – كاليفورنيا – مروان دراج:
اسمه أسامة عبد الرحيم حمور “أبو أوس”، مهندس ميكانيك سوري على مشارف الثمانين، دمشقي من منطقة الجسر الأبيض، لم أعرفه ولم ألتق به من قبل.
اللقاء معه، حتماً لم يكن صدفة، تعرفت على بعض من كانوا حوله في دمشق وكنت على موعد زيارة إلى بيته استمرت لأيام، مجرد تبادل الحديث والحوار معه لدقائق وفي أي مجال كان “سياسة، اقتصاد، فلسفة، تاريخ، أدب”، سوف تلحظ أنه شخصية استثنائية ومتفردة، بل لافتة إلى حدود الإدهاش.

يردد بحماس أغاني الساروت والقاشوش..

التقيت بالمهندس أسامة في ولاية كاليفورنيا، على وجه التحديد في “Sacramento”، وهي مدينة هادئة، يقسمها إلى نصفين نهر اسمه نهر أمريكا. كثافة الأشجار في مساحاتها الشاسعة تذكر كل سوري بالأشجار المتعانقة في غوطة دمشق قبل أن يحولها الطاغية وابنه المخلوع إلى غابات من الإسمنت والعشوائيات.
خلال أسبوع من اللقاءات اليومية تحولنا إلى صديقين، وغالباً، نقضي أوقات الليل معاً في الحديث عن دمشق وأعراسها بعد هروب الطاغية والانتصار الذي كان أشبه بالحلم أو معجزة سوف يسجلها التاريخ بكل تفاصيلها الحزينة والسعيدة.
كلما أصبح الحديث مع أسامة عن الشام والذكريات أشد حرارة وسخونة، يأخذه الحنين فينهض عن كرسيه ليردد أغنية (أرفع رأسك فوق أنت سوري حر) أو ترديد أغاني الساروت والقاشوش وسواها من الأغاني التي ولدت خلال الثورة وبعدها.

في الثمانين ويدرس الصحافة..

أما لماذا، أتيت على ذكر أسامة حمور ووصفته بشخصية لافتة إلى حدود الإدهاش، ليس ذلك إلا لأنه على مشارف الثمانين ويبادر بين الحين والآخر بنشر مقالات باسم مستعار – وكان ذلك قبل انتصار الثورة – أيضاً ما زال يسكنه شغف الطموح والدراسة والمعرفة، فرغم انقضاء أكثر من نصف قرن على كونه من المهندسين أصحاب الشهرة والمكانة في بلده وغير بلده، بدءاً من دمشق وليس انتهاء بالإمارات والأردن.. رغم كل ذلك يدرس في الوقت الحالي في جامعة أميركية شهيرة (قسم الصحافة) وكان يفترض به أن يتخرج منذ عام، لكنه يسعى وعن قصد على التأخير والإبقاء في سنته الأخيرة، وحمل بعض المواد كي يستمر في الذهاب إلى الجامعة واللقاء بالأساتذة والزملاء.
من ناحيتي، كنت أمازحه وأقول: “يبدو يا أبا أوس أنك تريد الإبقاء على بعض المواد أو الفصول الدراسية كي تتقدم بمصدقة تأجيل من الخدمة العسكرية” وهنا ترتسم على محياه ضحكة طفولية هادئة، تعيدنا إلى ما كان يفعله طلاب الجامعات السورية للتهرب من الخدمة الإلزامية التي كانت تأكل من أعمارهم سنوات دون أن تكون هناك نوايا، أو حتى مجرد تفكير حقيقي لمواجهة العدو على خطوط جبهة الجولان.

اللحام في مقارعة الاستبداد الأسدي..

رغم أن “أبا أوس” ليس من الأشخاص الذين يلهثون خلف الأضواء، ولا تعنيه الشهرة لا من قريب ولا من بعيد، أخذني الفضول في الكتابة عنه هذه المقالة السريعة، لم يمثله من جيل ورعيل كان له مكانة مميزة في مقارعة الاستبداد الأسدي، فهو اضطر في العام 2014 إلى مغادرة سورية وترك بيته بعد أن أصبحت حياته وحياة عائلته كلها مهددة بالخطر.
في هذا السياق، يكفي التذكير وبعجالة، أن زوجته الدمشقية ابنة حي الجسر الأبيض الصديقة وفاء اللحام كانت خلال السنوات الأولى للثورة من الوجوه النسوية البارزة وأظهرت شجاعة لافتة في أكثر من موقف، فهي – وإلى جانب حضورها في العمل الإنساني والإغاثي-، كانت في مقدمة التظاهرة الشهيرة التي جرت أمام وزارة الداخلية في المرجة عام 2012 للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، وكان نتيجتها أنها تعرضت للاعتقال لفترة من الوقت قبل أن يطلق سراحها، وذات الأمر ينسحب على ابنها أوس.. ذلك الشاب الرياضي بامتياز وكانوا يلقبونه بالعداء الماهر لقدرته على الركض السريع كلما لاحقه رجال الأمن، خاصة في تظاهرة منطقة المزة الشهيرة وكان بنتيجتها اعتقال المئات من شباب وصبايا الثورة.

مع مانديلا سوريا

الكتابة عن عائلة أسامة حمور قد تطول وتطول، ثمة الكثير لقوله، لكن قبل أن نختم، يتعين التذكير بمحطة هامة على أمل الإضاءة عليها في المستقبل، فأسامة كان من ضمن من انشقوا عن الحزب الشيوعي السوري الأساسي والتحق مع رفاقه في حزب الشعب الديمقراطي السوري – المكتب السياسي – وتعرض غالبية الأعضاء للملاحقة من جانب النظام البائد وكان من بينهم الراحل والمناضل مانديلا سوريا رياض الترك “أبو هشام”، وكان هذا الأخير وغيره العشرات لا يجدون ملاذاً آمناً سوى في بيوت هذه العائلة الكريمة التي ترفع لها القبعة، كما عشرات آلاف العائلات التي لعبت دوراً في انتصار الثورة لبناء سورية الجديدة، سوريا العدالة، سوريا الحرة لكل أبنائها.
#صحيفة – الثورة

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر