الثورة – سعاد زاهر:
كلما تسارع القطار، تتخيل ما الذي يمكن أن يحدث لو تمكن من الوصول إلى تلك المدينة التي تنتهي عندها خطوط السكك الحديدية، وما الذي يمكن أن يعيشه سكان تلك المدينة من كوارث جراء انفجار المواد المشتعلة التي يحملها القطار في الفيلم (Unstoppable).
فيلم الحركة (غير قابل للإيقاف) أنتج في أمريكا عام (2010) من إخراج توني سكوت، يحكي عن قطار مسرع وخارج عن السيطرة ومحاولة فرانك بارنز (دينزل واشنطن) وويل كولسون (كريس باين) إيقافه.
هل من الهام معرفة كيف أفلت الفرامل وأصبح القطار يتسارع مفضيا بنا إلى الكارثة…؟
أو الأهم التركيز على الأشخاص النبلاء الذين أنقذوا الوضع الكارثي…؟
وأنت تتابع للوهلة الأولى لا تهتم بسبب خروج القطار عن السيطرة، ولكن في نهاية الفيلم حين تدرك المصير الذي آل إليه الرجل المتسبب بالكارثة تدرك خطورة أن يوجد الرجل غير المناسب في المكان الهام.
بالفعل لم نهتم إلا لثوان بمن تسبب بالمشكلة بعدها كل الجهود تركزت على الطريقة التي يتوجب فيها إبطاء القطار، اجتمع لحل الأمر فرانك السائق القدير والذي رغم معرفته أنه فصل من عمله مع تقاعد جزئي، إلا أنه يصر على إنقاذ البلدة ولا يخضع للأوامر الخاطئة والتي تأتيه من مديره في الشركة.
المفارقة أن الشاب ويل عامل السكك الحديدية الحديث العهد هو السبب في طرد العامل بارنز، ولكنهما يتحدان في تحدي الأوامر الخاطئة وفي سبيل إنقاذ المدينة من الحمم والكوارث التي تنتظرها.
لا شك أن حكاية الفيلم بغض النظر عن إتقان صناع الفيلم مادتهم الفيلمية من ناحية التشويق والأداء والإخراج إلا أن المميز في الفيلم محتواه ومقارباته الفكرية والفلسفية على وقائع حياة يمكن لمن يقودنا أن يودي بنا إلى هاوية لا قرار لها، ومن ثم ينسحب تاركاً آلاف البشر معرضين لخطر محدق.
طيلة الفيلم تذهب بنا مخيلتنا إلى الحالة المعاكسة التي يريدها الفيلم ترى لو أنه تمكن من الوصول إلى مدينة ستانتون ومدن أخرى، أي كارثة ستحدث…؟
(بارنز الخبير في عمله، والشاب ويل) تحالفهما معاً يفضي بنا إلى سياق مختلف، تمكن تفانيهما واستعدادهما للتضحية حتى بحياتهما إلى إنقاذ البلدات التي كانت معرضة لخطر محدق.
لعل أهم ما يمكن التركيز عليه في فيلم Unstoppable)) رسالة الفيلم والاسقاطات التي يمكن استنتاجها من خلال تأملنا للفيلم، لو أن قائد القطار منذ البداية كان شخصاً نبيلاً مستعداً للتضحية بكل شيء من أجل إنقاذ الناس، ما عشنا تلك الأوقات الكارثية ونحن نتابع احتمالات وقوع الكارثة.
ومن اللقطات الهامة أن فرانك بارنز أو دينزل واشنطن لم يفكر بمصلحته الشخصية وهو الذي طرد حديثا من عمله في الشركة التي لم تقدر خدمته طيلة سنوات طويلة، ومنافسه أمام عينيه طيلة الوقت مشغولا بمشكلته مع زوجته، إلا أنه فكر بهدفه “الإنقاذ”.
اليوم وبعد أن خطونا باتجاه سوريتنا الجديدة، وعشنا مع منقذين يتشابهون إلى حد كبير مع شخصيات بارنز وويل، نحن أحوج ما نكون كي تتنامى أمثال هاتين الشخصيتين، ربما نحتاج أن نصبح كلنا بارنز وويل مع اختلاف الخبرات والأمكنة.