الذرائع الكاذبة بلغة العدوان

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
لم يكن مفاجئاً أن يعلن مرتزقة الخارج والكثير ممن يعملون وفق مقتضيات أجنداته في الداخل عن رفضهم الذهاب إلى لقاء موسكو.. وهذا ينسحب على مضمون الإعلان وشكله كما هو في توقيته وذرائعه، بحكم أن ما ينطقون به ليس أكثر من انعكاس ورجع صدى لأمر العمليات الأميركي، الذي اعتاد أن يأتي مغلفاً بالأدوار الإقليمية التي توكل إليها مهمة التبليغ.

وهو دور تتساوى فيه جميعها.. فما يصح مع السعودية ينطبق على تركيا، وما يجري مع قطر تتساوى فيه الأردن، ولا نعتقد أن البقية بما فيها تلك التي داورت تحت عناوين متلونة تختلف عنها في شيء، بدليل أن الجهد الذي كانت تقوده مصر على سبيل المثال أفضى في نهاية المطاف إلى أن يعلن كل من شارك فيه رفضه تلبية الدعوة الروسية، وهذا ليس أحجية ولا لغزاً، بل واقع ندرك منذ البداية أنه يجري وفق هذا النسق حين بدا متعارضاً مع أبجديات أي جهد موضوعي حين يحاور طرف ويتجاهل التواصل مع طرف آخر، وهذا كان يكفي لقراءة كفة الجهد المصري وفي أي اتجاه.‏

ويضاف إلى هذا كله أن أحداً لا يستطيع أن يراهن على استقلالية ذلك الجهد، وهو لا يزال محكوماً بإرضاء السعودية، ولم يختلف كثيراً عن سابقيه في مداراة الموقف الأميركي ومحاباة الأدوار الأوروبية، التي اجتهدت في التنغيم مع الدول الداعمة للإرهابيين والممولة لهم، في تقاسم إضافي للأدوار والمهمات، رغم ما يساورها من هموم ومتاعب ناتجة عن ارتداد الإرهاب وخصوصاً ما شهدته فرنسا على وجه التحديد من عمل إرهابي مدان بالضرورة المبدئية التي تدين أي عمل إرهابي وفي أي مكان من العالم.‏

وتأتي الإشادة الأميركية بالجهد المصري في التوقيت لتقدّم ما غاب من أدلة وقرائن، رغم مافيها من مواربة، لا تستقيم بأي حال مع ماسبقها من إعلان أميركي متواتر عن المضي قدماً في تدريب الإرهابيين تحت مسميات «المعارضة المعتدلة» رغم حالة التبعثر، وما اقتضته الضرورة من إعادة النفخ في الائتلاف التالف ليستعيد أنفاسه من بوابة مجلس اسطنبول وعبر وجه إخواني بتربية أردوغانية ودعم قطري واضح وصريح.‏

ربما لا نضيف جديداً حين نتحدث عن الذرائع الواهية.. الأميركية والغربية عموماً، وهي تلتحف بلغة التصعيد التي تتشابك فيها الفبركات الإعلامية مع التسريبات الصحفية، مضافاً إليها كمٌّ لا ينتهي من التصريحات الوقحة لكثير من القادة السياسيين والعسكريين، لكنها في المعطيات على الأرض وفي السياسة تؤكد أن التدافع في العودة إلى دعم الإرهاب يمثل عنواناً يوحد الأميركيين مع الفرنسيين والأوروبيين ككل، ويجمع السعوديين مع القطريين، ولا تجد البقية مشكلة في التصفيق حين تقتضي المهمة الوظيفية ذلك.‏

وتترافق حالة التصعيد على العموم بمواقف واعتبارات تعكسها وتترجمها تصرفات المرتزقة الذين يبتلعون لسانهم ويسحبون ما سبق أن تفوهوا به علناً بين ليلة وضحاها، ليقفوا على المقلب المعاكس، فيما تكون سياسات الأدوات الإقليمية قد مهدت الطريق بسيل من التصعيد المزدوج للتغطية على ما انكشف وبان من أدوار وظيفية ومهمات موكلة في رعاية الإرهاب، بما فيها اعتراف وزارة الخارجية التركية بأن «حياة بومدين» عبرت أراضيها لتلتحق بالإرهابيين في سورية.‏

يبقى الأشد بؤساً ذلك الإعلان الأميركي الموارب على لسان مسؤوليه والتضارب بين سياسييه وعسكرييه، الذي يميط اللثام عما خفي وما قد يخفى لاحقاً، حيث القضية أبعد من مسألة تعطيل الجهد الروسي، وأخطر من رواية رفض مرتزقة وأجراء وعملاء للمشاركة، حين تسقط ورقة التوت الأخيرة عن نفاق غربي في مكافحة الإرهاب ولهاث أعرابي خلف الفتات الأميركي، ليصل حد البحث عن ذرائع واهية وسخيفة، ولا يمكن لعاقل أن يصدقها، خصوصاً حين يعود الغرب إلى استخدام دير شبيغل تحديداً لتسريب الخبر.‏

في المحصلة تبدو لغة التصعيد الأميركي وما تردد من صداها لدى أدواته في المنطقة ومرتزقتهم من الإرهابيين عودة إلى ما قبل المربع الأول، لتفتح الباب أمام إسقاطات تتجاوز حد التهديد وربما كانت في اللغة المستخدمة عدواناً قائماً، وفي المصطلح حماقة وتهوراً، وفي الواقع العملي إشعال المنطقة بجبهاتها المؤجلة وانزلاقاً بالمشهد الدولي كله نحو الهاوية.‏

 

a.ka667@yahoo.com

المصدر: صحيفة الثورة

 

 

 

آخر الأخبار
دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر