الثورة – منهل إبراهيم:
على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، كان حضور الحكومة الألمانية في بروكسل شبه معدوم، إذ إنها ظلت مشلولة بسبب الصراعات الداخلية لائتلاف متناحر وغير قادر على الإنجاز، في ظل مستشار يفتقر إلى الكفاءة مثل أولاف شولتس، ويبدو أن القارة العجوز تنتظر المستشار المرتقب الجديد لعودة ألمانيا إلى موقع القيادة في أوروبا ما يشكل خطوة أساسية لتحقيق نهضة أوروبية بات تأجيلها أمراً غير ممكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
موقع “كوريري ديلا سيرا” نشر تقريراً سلّط فيه الضوء على مستقبل أوروبا بعد الانتخابات الألمانية، مركزاً على صعود فريدريش ميرتس كمستشار مرتقب، مع الإشارة إلى تراجع القيادة الألمانية السابقة وتأثيره على استقرار القارة العجوز.
وقال الموقع في التقرير: إنه إذا لم تحدث مفاجآت غير متوقعة، فإن نتائج الانتخابات السياسية في ألمانيا اليوم محسومة إلى حد كبير، حيث إنه من المتوقع أن يصبح فريدريش ميرتس، مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، المستشار الاتحادي الجديد، ومع ذلك، فلا يزال من غير الواضح إن كان سيتمكن من تشكيل حكومة تتألف من حزبين فقط، ما يمنحه استقراراً سياسياً أكبر، أم إنه سيكون مضطراً إلى تشكيل تحالف ثلاثي أكثر تعقيداً، لكن المؤكد أن السياسات التي سيتبعها ميرتس سيكون لها تأثير كبير على مستقبل أوروبا، وعلى الدور الذي ستلعبه ألمانيا في المرحلة المقبلة.
وأوضح الموقع أنه على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، كان حضور الحكومة الألمانية في بروكسل شبه معدوم، إذ إنها ظلت مشلولة بسبب الصراعات الداخلية لائتلاف متناحر وغير قادر على الإنجاز، في ظل مستشار يفتقر إلى الكفاءة مثل أولاف شولتس، الذي لم يتمكن أبداً من تحقيق التماسك، فضلاً عن القيادة.
وبالتوازي مع الأزمة التي شلت وما زالت تشل فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون، الذي يُنظر إليه على أنه متحمس للأوهام الأوروبية دون جدوى، فإن الغياب الألماني خلق فراغاً في قلب أوروبا، التي تعاني بالفعل من صعود الشعبوية والقومية، ما جعلها ضائعة بلا اتجاه واضح.
وسواء أكان الأمر متعلقًا بالمناخ، أو التجارة، أو السياسة الخارجية، أو دعم أوكرانيا، أو استكمال السوق الموحدة، فإن ألمانيا بقيادة شولتس لم تأخذ زمام المبادرة قط، وكانت عاجزة عن اتخاذ قرارات حاسمة، لتجد نفسها في دور ثانوي هامشي.
وذكر الموقع أن الولاية الثانية لدونالد ترامب في البيت الأبيض، مع هجومه المدمر على العلاقات عبر الأطلسي باسم رؤية إمبراطورية جديدة، تضع أوروبا أمام مفترق طرق وجودي، إما أن تعيد اكتشاف نفسها وتتجهز لمواجهة المستقبل، أو تغرق في عالم جديد تحكمه مناطق النفوذ، حيث تملي القوى الكبرى مصير الدول الأصغر.
وبذلك، يمكن اعتبار عودة ألمانيا إلى موقع القيادة في أوروبا خطوة أساسية لتحقيق نهضة أوروبية بات تأجيلها أمراً غير ممكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهل سيكون ميرتس المستشار القادر على إعادة الدور والمصداقية لألمانيا داخل أوروبا؟