الثورة – معد عيسى:
يعتبر التبغ من أهم المحاصيل الاقتصادية في سوريا، من حيث العائد المادي وتشغيل اليد العاملة، كما يتميز التبغ السوري بمواصفات عالية منحتها الطبيعة الجغرافية من هواء وشمس جعلته من أفضل التبوغ في العالم وهدفا لمصانعها، إلا أن ما تعرض له قطاع التبغ من إهمال وسوء تصنيع وسرقة لتعب المزارعين، كغيره من القطاعات، جعله يتراجع لمصلحة الدخان المستورد والمهرب.
– محصول عائلي:
تنتشر زراعة التبغ بشكل رئيسي في محافظات إدلب، اللاذقية، طرطوس، سهل الغاب ودرعا، وقد عُرفت هذه الزراعة في تلك المناطق منذ 450 عاماً، ووصل التبغ السوري إلى أهم الأسواق العالمية، وكانت فرنسا من أكبر المستوردين للتبغ السوري من اجل التصنيع، ولاسيما الصنف الذي كان يُعرف “باللاذقاني” المتوفر حتى اليوم في عدد من دول أوروبا وبأغلى أسعار الدخان.
وميزة هذا المحصول أنه عائلي يعمل به جميع أفراد الأسرة، حيث يوجد هناك أكثر من 120 ألف أسرة تعمل بزراعة التبغ بشكل مباشر، وحوالى 100 ألف أسرة في عمليات الإنتاج والتصنيع، أما من حيث العائد الاقتصادي فكانت أرباح مؤسسة التبغ الأعلى بين مؤسسات وشركات وزارة الصناعة، وحتى بين كل المؤسسات رغم الفساد والنهب لمصلحة مافيات مُصنعي التبغ المزيفين.
كما أن محصول التبغ لا يقوم على حساب محاصيل أخرى، إذ إن زراعته تتم في أرض جبلية فقيرة لا تصلح لزراعات أخرى، وهو زراعة بعلية بغالبيته إلا ما زرع منه في سهل الغاب ودرعا وبالتالي غير مستنزف للثروة المائية.
– جاذب للصناعة:
إن كان التبغ لا يُزرع في كل دول العالم، لكن كل دول العالم تستهلكه وتستورده من الدول المُنتجة له، وهذا ما يُمكن العمل عليه بتشجيع زراعته في المناطق المناسبة غير المروية، وغير المناسبة لزراعات تكثيفية ومحاصيل إستراتيجيه كالقمح والذرة، وبالتوازي مع الزراعة تقام صناعة حديثة للتبغ تستفيد من مزايا ومواصفات التبغ السوري للمنافسة بالأسواق العالمية، وهذا بمجمله يُمكن أن يحسِّن المستوى المعيشي لمزارعيه ويحقق إيراداً كبيراً لخزينة الدولة إضافة لتوفيره عدداً كبيراً من فرص العمل.
– يوفر مبالغ كبيرة:
ما لا نزرعه سنستورده حكماً، وكذلك مالا نُصنّعه سنستورده أيضاً، وان كنا نزرعه، وفي موضوع التبغ يستهلك السوريون سنوياً بما يزيد على مليار دولار (دخان ومعسل) مع انتشار التدخين بشكل كبير بين صغار السن والنساء، والقسم الأكبر مما يستهلكه السوريون من التبغ المستورد أو يتم تصنيعه، كما يقال، في أعالي البحار بالتواطؤ مع مافيات سرقة مستودعات “الريجة” أو الشراء المباشر من المزارعين بأسعار بخسة وبطريقة الابتزاز، وذلك بعد ضرب صناعة الدخان المحلية لمصلحة المافيات.
– يجمع العائلة:
محصول التبغ محصول اقتصادي بامتياز بما يُمكن أن تقوم عليه من صناعات تُشغل عدداً كبيراً من اليد العاملة، كما أنه يُمكن أن يكون مورداً مهما للقطع الأجنبي من جراء تصديره إلى الأسواق الخارجية وبنفس الوقت يوفر استنزاف قطع أجنبي يُخصص لتوريده، وهو محصول غير مستنزف للثروة المائية لأن معظمه يزرع بعلاً ولا يأخذ مكان محصول آخر لفقر البيئة التي يُزرع فيها، وهو محصول اجتماعي يُشغل عدداً كبيراً من الأسر السورية بكل أفراد العائلة ويعتبر معيناً أساسياً لتامين الاحتياجات الأساسية لشريحة واسعة من الناس.
– أخيراً..
إعادة النظر بمحصول التبغ الذي أعلنت عنه وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي يجب أن يكون من باب إنصاف المزارعين ودعمهم بتسعير تسليم المحصول بسعر مناسب يضمن هامش ربح لهم ويتقارب مع أسعاره على الأقل مع دول الجوار، واستكمال خطوتهم بتصنيع المحصول بشكل جيد سواء للاستهلاك المحلي أم للتصدير وبما يقدم للخزينة والمزارع والمدخِّن معاً.
#صحيفة_الثورة