تحدّث الفيلسوف فرنسي “برنارد ستيغلر” عن مفهوم “الغباء المنهجي” الذي يتمثّل وفق ما يرى بالاهتمام والاعتماد المبالغ به على الأجهزة التكنولوجية والمنصّات الرقمية، ليصل إلى خلاصة أن العصر الرقمي يقودنا إلى ثقافة”الإلهاء”.
بدوره، فرّق الكاتب الألماني الكوري “بيونغ تشول هان” ما بين الانتباه العميق التأملي والانتباه السطحي المشتّت، ويربط “هان” بين الإنجازات الثقافية وبين القدرة على التركيز والانتباه العميق.. ملاحظاً أن فقدان الهدوء والتأمل يؤدي إلى غياب الإبداع.
بالنسبة للحاصل (الآن وهنا)، فإنه لا يخرج عن دائرة استنتاجات كل من (ستيغلر وهان)..فنحن أسرى قراءات سريعة، هشّة لمعلومات نتداولها طوال الوقت، يتم نشرها دون أدنى محاولة أو قدرة على امتلاك لحظة (تأمّل) أو (تركيز) وصولاً لتحصيل (انتباه) فارقٍ ومؤثر.
فالانتباه هو العتبة الأولى للإتيان بفعل حقيقي وإنساني عميق.. لكن ما يحلّ محلّه هو (الإلهاء- التشتّت).
هل فعلاً نمتلك “الانتباه” اللازم لحجم (التدهور) الإنساني والثقافي المحيط بنا..؟، فنحن مشغولون بشكل غير فعال وسطحي.. وغير مشغولين بذات الوقت.. لأن دائرة “الانشغال” التي نلوذ إليها، ليست سوى نوع من هروب.. هروب إلى التقاط موجات من “دوبامين” غير كافٍ وربما وهمي.. والتي هي في حقيقتها ليست إلا حالة خدر.. أو تخدير للوعي.. تعطيل لليقظة وللانتباه (الفارق).. وهو بالضبط ما ذكره الكاتب “ماكس فيشر” في حديثه عن تدفقات الدوبامين المزيّفة لتصفحنا المنصّات الرقمية: (ردّ فعلنا الحقيقي هو البحث عن ثقافة تحتضن اللا شيء، ثقافة تهدّئ وتغطي بدلاً من أن تتحدّى أو تفاجئ).