لم يكن قلمي عجيناً طريّاً في يدي.. ولا سهماً يصيبُ الهدف.. كلّ ما في الأمر أنّ الضميرَ بوصلته، هكذا علّمتني الصحافة أن أكتب.. مرآة الحياة.. أن أراها في إرادة الفقير وملابس العامل وأكفّ الفلاح المتشقّقة، أنقل حاجة الطّفل وأثني على المثابر وأعتزُ بالجندي المرابط في الميدان.
علّمتني الصّحافة ألا أغفو على ضيمٍ ولا أستكين ولا أترك الجرح نازفاً، إلا وأضع عليه بلسم الكلام، ليعود الوئام إلى حدوده الطبيعيّة، لأبقى على مسافة واحدة من تناقضات الحياة المتقلّبة.. علّمتني أن أرمق الحقيقة بعيني نسرٍ محاولة أن أكتبها بحبرِ العيون، وإن كثُرت حولها وسوسات الظّنون وآثامها.
علّمتني ألا أخشى من الهاوية فأنتقدُ الخطأ وأشير إلى الصّواب وأحادثه بلسان قلمي، أن أحقّق ذاتي بها وفيها ومنها أسوة بالذين آمنوا بها فتأثّروا وأثّروا ومنهم “ميخائيل نعيّمة” حين وصف الكلمة بأنها “قوّة هائلة” في يد من يقدّسونها فلا يستعملونها إلا للخير والهِداية، ومن المؤسف ألا يكون تأثير الكلمة واحداً في جميع الناس”.
في أيام عيد الصحافة نؤكد أنّ الكلمة تُحيي وتميتُ وطناً.. فحذاري يا زملائي في مهنة المتاعب.. حذاري.. إن أقلامكم أوطانكم فلا تبيعوها ولا تقتلوها.