الثورة- ترجمة ختام أحمد:
إن الاتفاق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن المعادن ليس إنجازاً دبلوماسياً ولن ينهي الحرب، ولكنه نجاح كبير بالنسبة لأوكرانيا، سواء على المدى القصير أو ــ إذا تمّ تنفيذه على الإطلاق ــ على المدى الطويل، يُقال إن الاتفاق لا يمنح أوكرانيا “الضمانات” الأمنية التي طالما طالبت بها، كما أنه لا يُلزم الولايات المتحدة بالقتال من أجل أوكرانيا، أو بدعم “قوة طمأنة” أوروبية لها.
ولا تزال عضوية الناتو غير مطروحة، وبالنظر إلى مواقفها الأساسية، لا توجد أي فرصة لتغييرإدارة ترامب هذه النقاط، ولكن منذ أن بدت عملية السلام في أوكرانيا وكأنها فقدت زخمها، وهدد ترامب “بالانسحاب” من المحادثات.
انخرطت كييف وموسكو في رقصة دبلوماسية معقّدة من المقترحات شبه الكاملة والتلميحات في محاولة لضمان أنه إذا انسحب ترامب، فسوف يلقي اللوم على الجانب الآخر لفشل المحادثات، هذا الاتفاق يزيد من احتمالية إلقاء اللوم على روسيا، وبالتالي استمراره في تقديم المساعدات العسكرية والاستخباراتية لأوكرانيا.
وقد يحاول أيضاً، كما هدد، فرض عقوبات إضافية على روسيا، مع أنه في ظلّ مقاومة معظم دول العالم لهذه العقوبات، والتوترات بشأن الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا، ليس من الواضح تماماً مدى فعّالية العقوبات الجديدة.
إن استمرارالدعم العسكري والاستخباراتي الأميركي لن يُكسب أوكرانيا الحرب، ولن يُمكّنها من طرد الروس من الأراضي المحتلة.
مع ذلك، سيساعد الجيش الأوكراني على إبطاء تقدّم روسيا على الأرض وتكبيده خسائر فادحة.لا ينبغي أن يتخذ الأوكرانيون أو داعموهم الأوروبيون هذا ذريعةً للحفاظ على شروط سلام مُستحيلة تجعل التسوية مستحيلة؛ لأن الصعوبات العسكرية والاقتصادية لا تزال قوية ضد أوكرانيا، وانهيار القوات الأوكرانية المُنهكة احتمالٌ واردٌ للغاية.
ولكن هذا من شأنه أن يزيد من احتمال تخلي روسيا عن مطالبها المستحيلة أو تعديلها بشكل كبير.على سبيل المثال نزع سلاح أوكرانيا والانسحاب من أراضٍ إضافية.
فيما يتعلق بالاتفاقية نفسها، من الواضح أنها أكثر ملاءمة لأوكرانيا من اقتراح ترامب الأصلي – والغريب – القاضي بتسليم أوكرانيا كامل احتياطياتها المعدنية للولايات المتحدة كتعويض عن المساعدات الأميركية.
وبموجب الاتفاقية الجديدة، سيتم تقاسم أرباح استخراج المعادن بالتساوي.كما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت : “يُشير هذا الاتفاق بوضوح إلى روسيا بأن إدارة ترامب ملتزمة بعملية سلام تتمحور حول أوكرانيا حرة وذات سيادة ومزدهرة على المدى الطويل.
لقد تصورالرئيس ترامب هذه الشراكة بين الشعبين الأميركي والأوكراني لإظهار التزام الجانبين بتحقيق السلام الدائم والازدهار في أوكرانيا.
وللتوضيح، لن يُسمح لأي دولة أو شخص موّل أو زوّد آلة الحرب الروسية بالاستفادة من إعادة إعمار أوكرانيا”.
ولن يتم بموجب هذه الصفقة تخصيص أي أموال أميركية لتطوي استخراج المعادن في المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا.
على الرغم من الخطاب الغربي، لم تُقدّم ضمانات أمنية غربية مطلقة لأوكرانيا بعد تسوية سلمية، لأن إدارة بايدن، وأغلب حكومات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أكدت مراراً وتكراراً أنها لن تقاتل للدفاع عن أوكرانيا.
مع ذلك، سيضمن هذا الاتفاق، في حال تنفيذه، استمرارالاهتمام الأميركي القوي بأوكرانيا. كما أنه يُقلل بشكل كبير من خطر تجاهل الولايات المتحدة لأي عدوان روسي مستقبلي، وعدم الرد كما فعلت في هذه الحرب، بإمدادات عسكرية وعقوبات صارمة.
لكن الاتفاق لن يُنفَّذ إلا بعد انتهاء الحرب. بعد ذلك، سيعتمد الأمرعلى رغبة الشركات الأميركية الخاصة في الاستثمار في هذا القطاع، وهذا يعتمد على تقييمها للمخاطر والأرباح.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الاتفاق لا يُلزم الحكومة الأميركية بالاستثمار في أوكرانيا؛ وبالنظر إلى الربحية الحالية لاستخراج المعادن في العالم، فليس من المؤكد أن المستثمرين من القطاع الخاص سيجنون فوائد كبيرة من ذلك.
ولم يُجرِ أحد حتى الآن تحليلًا شاملًا للربحية الفعلية وحجم معظم هذه الموارد الأوكرانية. لذا، يُعدّ هذا النجاح مجرد نجاح تكتيكي لأوكرانيا، وهو نجاح تُثير حوله العديد من التساؤلات؛ ولكنه مع ذلك نجاح يُؤمل أن يدفع موسكو إلى الرد بمقترحات سلام جادة ومقبولة من جانبها.