“تخلو السّياسة من المشاعر، فالمساواة هي عدوّة الحريّة أحياناً”، هكذا رآها الفيلسوف ألبير كامبو.. ففي اليونان كان هناك رجال أحرار بسبب وجود العبيد، رأي يثير الجدل، فبقدر ما كانت الحريّة قِبلة الأحرار حول العالم بقدر ما هي مسؤوليّة حِملها الثقيل، الحريّة ليست هبة تُعطى ولا تُمنح، الحريّة أن تعيش بأمل أنّ لك مستقبلاً وحاضراً تتوافق به مع من حولك باختلافهم وخِلافهم، رافضاً الاستبداد والقمع والعبوديّة التي تتغيّر أدواتها ومفرداتها بحسب ديمومة العصر.
الحريّة لا أن تقول ما شئت وتتنطّح بمصطلحات تخدش الحياء والكبرياء وتسيء بها إلى كرامة الآخرين للتحريض على الكراهيّة التي لا تدخل ضمن حريّة التعبير عن الرأي.
إنّ الحريّة ثقة وحدود والتزام ومسؤوليّة ومهمّتك كإنسان أن تنعتق من كلّ مخاوفك لأجلها، فلا تكذب ولا تفتن ولا تحسد ولا تنم، فالحريّة تليق بالشجعان وحدهم، أولئك الذين يواجهون أنفسهم أولاً ويرون بعين الصواب وإن كان الأمر يؤلم قلوبهم.
الحريّة تليق بالشجعان الذين لا يخافون لومة لائم إن صدقوا وأفشوا الكلمة الطيّبة وجنحوا للسلم، لأن الصدق منبعهم وإيمانهم بالتأثير قبل التغيير، كي تسير عجلة الحياة على السّكة الصحيحة، كما يجب أن تكون، إنها ثقافة الشرفاء والنبلاء، ثقافة تُخترع وتُغيّر وتُنازع وتتفاوض، “ثقافة” يراها كامبو “صرخة البشر أمام أقدارهم”!
فلنصرخ ولنُسمع العالم بأننا أحرارٌ أحرار، نصرخ باسم الحق والسّيادة والوجود.