في عالم يتسابق فيه الزمن وتتسارع فيه المتغيّرات، تقف سوريا كجبلٍ سامق، تستمدّ من جذورها التاريخية قوةً لا تلين، ومن أرضها دفء الأمل المتجدد، إنها ليست مجرد رقعة جغرافية، بل فسيفساء حضارية خطّت فيها الإنسانية أولى أبجدياتها، وكانت مهداً للديانات، ومسرحاً للأفكار، وجسراً بين الحضارات.
من أروقة دمشق العتيقة إلى تدمروحمص وحماه واللاذقية وحلب وأدلب، يهمس الحجر بحكايات آلاف السنين، فسوريا ليست فقط الأرض التي شهدت قيام أقدم العواصم وازدهارأعرق الثقافات، بل كانت قلباً نابضاً لحضارات تركت أثراً خالداً في ذاكرة الإنسانية، ذلك التاريخ العميق لم يكن يوماً عبئاً، بل مشعلاً يحمل السوريون نوره في دروب المستقبل.
رغم الظروف والأزمات، لم تخبُ جذوة السوريين، في كلّ محافظة وقرية وشارع، ترى مشاهد الحياة تُكتب من جديد، أطفالٌ يضحكون في باحات المدارس، عمالٌ يعيدون إعمارما تهدّم، مزارعون يغرسون البذور في الأرض كما يغرسون الأمل في القلوب، ليس لأنهم مجبرون، بل لأنهم أبناء الحياة، لا يعرفون لليأس طريقاً .
ما تشهده سوريا اليوم ليس فقط انتعاشاً عمرانياً أو اقتصادياً بل يقظةً وجدانية تُحيي روح الانتماء وتكرّس التفاني في سبيل الوطن .
سوريا لا تنهض من تحت الرماد وحسب، بل تُحلّق بأجنحة من نور، تقودها سواعد لا تعرف الكلل، وعقول تؤمن أن الغد أجمل. إن المستقبل يُكتب اليوم… في أرض الشام، بقلم الإرادة، وحبر التضحية، على صفحات ملؤها الرجاء.