الثورة- منهل إبراهيم:
يشغل ما يعرف بأسطول “الظل الروسي” حيزا كبيرا من سجل العقوبات الأوروبية، ما أسفر عن معركة طويلة من العقوبات قادها التكتل الأوروبي لمواجهة هذا الأسطول الروسي المبحر في الظل.
الاتحاد الأوروبي فرض سلسلة عقوبات ضد أسطول “الظل الروسي” في الوقت الذي أشارت فيه العديد من الجهات الرسمية والأكاديمية الأوروبية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
القناة الإخبارية الأوروبية “يورونيوز” سلطت الضوء على هذه الإجراءات العقابية، وقالت إن مسؤولة السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية كايا كالاس أعلنت مؤخرا، بعد أن تبنى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رسميا دفعة جديدة من العقوبات ضد روسيا بسبب غزوها الشامل لأوكرانيا، أنه “كلما طالت مدة الحرب التي تشنها روسيا، كان ردنا أكثر صرامة”.
وأدرجت هذه الإجراءات 189 سفينة تابعة لما يسمى بـ”أسطول الظل” التابع لموسكو في القائمة السوداء، ليصل العدد الإجمالي للسفن الخاضعة للقيود إلى ما يقرب من 350 سفينة.
الناقلات الغامضة
وأضافت “يورونيوز” أنه “في اليوم التالي، أصدرت بولندا إعلانا مماثلا، حيث كتب رئيس الوزراء دونالد توسك على وسائل التواصل الاجتماعي: “كانت سفينة روسية من “أسطول الظل” الخاضع للعقوبات تقوم بمناورات مشبوهة بالقرب من كابل الطاقة الذي يربط بين بولندا والسويد”.
وكشفت مصادفة الأحداث، مرة أخرى، عن التحديات الهائلة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في مهمته المستمرة منذ عام للقضاء على أسطول الناقلات المتهالكة الغامضة التي نشرتها موسكو في البحر في محاولة جريئة وخطيرة لتجاوز القيود الاقتصادية الصارمة التي يفرضها الغرب.
ولفتت “يورونيوز” إلى أن التركيز السياسي على “أسطول الظل”، ازداد بشكل مطرد منذ حزيران/ يونيو 2024 وهي المرة الأولى التي قامت فيها بروكسل بتصنيف ناقلات النفط التي تديرها روسيا ومنعها من الوصول إلى موانئ الاتحاد الأوروبي وخدمات الاتحاد، في ذلك الوقت، تركز المنطق وراء القائمة السوداء في المقام الأول على منع التحايل على نطاق واسع.
لكن سلسلة من الحوادث التي وقعت في بحر البلطيق، بما في ذلك حادث وقع في كانون الأول وشهد احتجاز فنلندا لناقلة نفط يُشتبه في أنها قطعت عمدا كابلا بحريا مهما، تسببت في إثارة قلق واسع النطاق وسلطت الضوء على المخاطر الشديدة التي يشكلها “أسطول الظل” الروسي على أمن الاتحاد الأوروبي وبيئته.
وأكدت “يورونيوز” أنه في الأسبوع الماضي، أصدرت إستونيا تحذيرا صارخا قالت فيه إن روسيا مستعدة لحماية سفنها بالقوة العسكرية، إذا لزم الأمر، لتمكين تجارتها البحرية للنفط.
وجاءت هذه الرسالة بعد أن اعترضت البلاد سفينة مشبوهة تبحر في مياهها دون أن يكون لديها علم أو تأمين على ما يبدو، وبعد أن أوقفت السلطات الإستونية السفينة، ظهرت طائرة عسكرية روسية في المكان.
وتعقيبا على ذلك، قال وزير الخارجية الإستوني مارغوس تساهكنا في اجتماع لحلف “الناتو” في تركيا: “انتهكت طائرة مقاتلة روسية أراضي الناتو لمدة دقيقة واحدة، هذا شيء جديد للغاية”، وشدد على أنه “نحن بحاجة إلى أن نفهم أن روسيا ربطت نفسها رسمياً بأسطول “الظل الروسي”.
اقتصاد الحرب
واوضحت “يورونيوز” أن الكرملين قام بتجميع “أسطول الظل” رداً على السقف السعري للنفط الروسي المنقول بحراً الذي وضعته مجموعة السبع وأستراليا في ديسمبر 2022 بعد أشهر من المفاوضات المكثفة، وحظرت المبادرة الرائدة على الشركات الغربية تقديم خدمات رئيسية للناقلات الروسية، مثل التأمين والتمويل والتبليغ، التي تبيع النفط الخام بسعر أعلى من السعر المتفق عليه وهو 60 دولارا .
وبمرور الوقت، جمع الكرملين أسطولا كبيرا يضم ما يصل إلى 650 ناقلة قادرة على التهرب من مراقبة حلفاء مجموعة السبع من خلال مجموعة من الممارسات الخادعة، مثل إرسال بيانات مزورة وإيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال لتصبح غير مرئية.
واكدت “يورونيوز أن الصين والهند حلتا محل أوروبا كأكبر عملاء النفط الروسي، مما وفر دخلا حيويا لاقتصاد الحرب الروسية في أوكرانيا.
وبعد عدة جولات من العقوبات، قام الاتحاد الأوروبي بتوسيع قائمته السوداء لتشمل 342 سفينة من “أسطول الظل”، والتي استهدفت بريطانيا وأمريكا بعضها أيضا، وقد فرض التكتل عقوبات فردية على الشركات التي تتيح التهرب من سقف أسعار مجموعة السبع، وآخرها شركة VSK، وهي شركة تأمين بارزة في قطاع الطاقة الروسي.
وأشارت “يورونيوز” إلى أن الغموض الذي لا يمكن اختراقه والذي يحيط بـ”أسطول الظل” أدى إلى تحويل الحملة إلى نوع من الغموض، فما أن يتم إدراج سفينة ما على القائمة السوداء، حتى تظهر سفينة أخرى من الظل، في بعض الأحيان.
وبحسب القانون البحري الدولي هنالك حق لتمكين السلطات من اعتراض سفن “أسطول الظل” وإيقافها على نطاق واسع ومنتظم من شأنه أن يسمح للاتحاد الأوروبي بالارتقاء بفعالية حملته.