أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي
وصل السيد الرئيس أحمد الشرع اليوم الثلاثاء 27 أيار، إلى مدينة حلب للمشاركة في فعالية “حلب مفتاح النصر”، في حدث رمزي واسع شهد حضوراً شعبياً كبيراً داخل قلعة حلب، لتأكيد دور المدينة المحوري في تحقيق النصر السوري في كانون الأول 2024، وبداية التحول الوطني ما بعد سقوط النظام السابق.
لم تكن حلب مجرد ساحة قتال، بل كانت شاهداً على أقسى فصول الحرب السورية وأكثرها دموية، وهي التي قدّمت آلاف الشهداء من أمثال “أبو فرات”، و”عبد القادر الصالح”، و”أحمد سندة، وغيرهم من رموز الثورة السورية، لذا فإن هذه الفعالية تشكّل تكريماً لذاكرتهم النضالية، وتخليداً لمدينة تحوّلت من أنقاض الحرب إلى رافعة للكرامة الوطنية.
تتعدى الفعالية طابعها الاحتفالي، لتؤسس لمرحلة سياسية ومجتمعية جديدة في سوريا. فهي تكرّس عودة حلب إلى قلب المشهد الوطني، باعتبارها حاضنة القرار الشعبي، ومنصة انطلاق لمرحلة إعادة الإعمار، وإرساء نموذج للحكم المدني، بعد سنوات من التهميش والاستغلال الأمني في عهد النظام البائد.
تحمل الفعالية رسائل مزدوجة، داخلية وخارجية، فـ “داخلياً”، تؤكد على وحدة الأرض والشعب، ورفض مشاريع التقسيم والانفصال، ودعوة السوريين للتماسك تحت راية وطن واحد، تسوده العدالة والديمقراطية، وخارجياً، تبعث برسالة حازمة إلى من حاول استثمار دمار حلب، بأن المدينة استعادت مكانتها وقرارها، وهي اليوم تكتب تاريخها بنفسها، كعاصمة اقتصادية وسياسية متجددة،
لما لحلب من ثقل اقتصادي وموقع جغرافي استراتيجي، تؤسس الفعالية لتكريس دورها في مشاريع الإعمار والصناعة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتكامل الوطني، مع ما تحمله من تنوّع سكاني ومجتمعي، يجعلها مؤهلة لقيادة نموذج جديد من التعايش والتنمية.
تُعد حلب نموذجاً حيّاً لسياسات “ردع العدوان” التي انتهجتها قيادة العمليات خلال التحرير، والتي رفضت منطق الانتقام، واختارت خطاب الطمأنينة والتسامح. فمنها انطلقت أولى الرسائل إلى الطوائف والأقليات، مؤكدة أن سوريا المستقبل لن تُبنى بالعنف، بل بالتعايش واحترام التنوع.
تأتي زيارة الرئيس الشرع إلى حلب في لحظة مفصلية، إذ كانت هذه المدينة أول محطة له خارج محافظة إدلب بعد بدء عملية “ردع العدوان”، ليعلن من على أسوار قلعتها أن حلب ستبقى بوابة للنصر، لا للماضي، بل لمستقبل تُبنى فيه سوريا على قيم المواطنة، والمساواة، والسيادة، ودولة القانون.
“حلب مفتاح النصر” ليست مجرد فعالية، بل لحظة وعي وطني، تستعيد فيها سوريا ذاتها من بين ركام الدمار، لتؤسس عبر مدينة الشهداء والبطولة، حكاية وطنٍ جديد، لا يعرف الخضوع ولا يقبل القسمة.