الثورة – مريم إبراهيم:
يعكس مشهد تباين أسعار المواد في الأسواق بمختلف المناطق والأحياء سواء نظامية كانت أم عشوائية.. أسئلة كثيرة وإشارات استفهام، ففي الوقت الذي من المفروض فيه أن تتحسن القدرة الشرائية للمواطن بعد انخفاضات ملحوظة في سعر الصرف، وأن ينعكس ذلك بانخفاض في أسعار المواد استهلاكية والغذائية، لم يلحظ هذا الأثر بوضوح، وبقيت الأسعار كما هي، إلا في القليل منها والذي سجل انخفاضاً بسيطاً جداً.
وفي ظل التحديات الاقتصادية والمعيشية المتزايدة التي تواجه المواطن، يعود الحديث مجدداً عن الدور المحوري لجهاز حماية المستهلك، لا باعتباره جهة رقابية فقط، بل كأداة لضبط السوق، وتحقيق التوازن بين حرية التجارة ومصلحة المواطن.
تحقيق التوازن
رئيس مجلس النهضة السوري- الخبير الاقتصادي عامر ديب بين لـ “الثورة” أنه في ظل التحديات الاقتصادية والمعيشية المتزايدة التي تواجه المواطن السوري، يعود الحديث مجدداً عن الدور المحوري لجهاز حماية المستهلك، لا باعتباره جهة رقابية فقط، بل كأداة لضبط السوق، وتحقيق التوازن بين حرية التجارة ومصلحة المواطن، وتدريجياً يتم التوجه نحو اعتماد الفاتورة الإلكترونية كحل رقمي لضبط السوق وتقليل التلاعب، هذه الخطوة تهدف إلى إحكام السيطرة على الحلقات التجارية وتحديد هوامش الربح بدقة، وضمان حق الدولة في الضرائب وحق المواطن في الأسعار العادلة.
وأكد أن الاقتصاد الحر لا يعني ترك الأسواق بلا ضوابط، فالحرية الاقتصادية تعني تنظيم التجارة وتحديد هوامش الربح بما ينسجم مع مصلحة المنتج والمستهلك معاً، ويكفي أن ننظر إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي رغم تبنّيها لنموذج الاقتصاد الحر، فرضت تعرفة جمركية لحماية صناعتها المحلية، وتحدّد هوامش ربح واضحة لبعض السلع لضمان التنافسية والانسيابية في السوق وأسعار المستهلكين تشكّل أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي تقيس التضخم وتنعكس بشكل مباشر على سعر الصرف خلال فترة زمنية معينة.. وبالتالي، فإن أي تراجع في سعر الصرف يجب أن يوازيه انخفاض في أسعار السلع، وفق ما يعرف بـ”العرف التجاري”، وإلا فإن تحسن المؤشرات الاقتصادية يبقى نظرياً ولا يلمسه المواطن.
أثر عكسي
كما أشار ديب أنه لا يمكن الحديث عن تحسن في معيشة المواطن أو تحسّن الاقتصاد دون أن يكون هناك دور فعّال وشفاف لجهاز حماية المستهلك، هذا الدور لا يقتصر على الجولات، بل يتعمّق في التدقيق في الفواتير، وتكلفة الاستيراد، وهوامش الربح، وآلية التسعير، وحماية المستهلك ليست ترفاً إدارياً، بل ركيزة أساسية في البناء الاقتصادي والاجتماعي، وحين تصبح الفاتورة أداة إلزامية لا يمكن تجاوزها، فإن ذلك يعني أننا نسير على طريق العدالة الاقتصادية، ويدفع المواطن السعر العادل، ويحصل على حقه، ويشعر فعلاً بأن كل تحسن اقتصادي يُترجم في معيشته اليومية، وضبط عمليات الاستيراد والتصدير حسب الفائض الإنتاجي وحاجة السوق.