من قال: لتصبح كاتباً مخضّرماً عليكَ أن تطبع كتاباً، وتحجز لنفسكَ كرسياً في المقاعد الأولى على مدرجات المراكز الثقافية والمسارح، ليحيط بك المثقفون من كل حدب وصوب، وتخلق لنفسك شخصية استثنائية تبدو على ملامحك الجدّية ومظهرك الخارجي بدءاً من ربطة عنقكَ إلى هندام رسمي.. وتصبح بعد ذلك كاتباً مؤثراً.
يا صديقي.. لقد فات أوان هذا الزمن، فخلف شاشة ليزرية تقعد وأنت مرتاح البال، لا عين تراك ولا رقيب يدقق في ملامحك، تكتب براحتك عن كل شيء وأي شيء وليس المهم أن تقبض على بنات أفكارك، فالعم “غوغل” يفعل فعله، فتنسخ وتلصق ما تريده وتنسبه إليك إن شئت، فتصبح مؤثراً في عالم رقميّ، تجمع اللايكات على صفحات حسابك الشخصي، ويدعمك الأصدقاء الذين تعرفهم والذين لا تعرفهم خلف مسمّيات “زهرة الياسمين، والنسر الجارح، وورد بلدي..”، فتنال ثقة المحبّين وتغدو ذا قيمة عالية في السّاحة الأدبيّة.
يكثر الأصدقاء ويتابعك أصحاب الشّأن الرفيع المستوى لنيل رضاك لكي تتبنّى رسالتهم، فتعلن على صفحاتهم ما يصبون إليه وتنصبغ بمبادئهم حد التوحّد، ثم تقابلهم وجهاً لوجه في مكان مرموق، فتغدق عليك الهدايا وتصبح من أصحاب الأموال من مبدأ “قبل أن يجفّ عرقه”، بذلك تفعل مواقع التواصل الاجتماعيّة مفعولها، باتجاهٍ عكسيّ، فبدل أن نزرع في الأرض كيف ينبت غرساً.. نهطل من السّماء نجوماً.. ويا ويلنا من تلك النجوم!.