من التحديات إلى المكاسب.. البرمجيات رافعة اقتصادية تنتظر الانطلاق

الثورة – هنادة سمير:

في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تزايدت أهمية صناعة البرمجيات في العالم باعتبارها القوة المحركة للاقتصاد العالمي، وبحسب تقارير دولية تجاوز سوق البرمجيات 700 مليار دولار في عام 2023، وبلغت الصادرات البرمجية المليار في الهند أكبر دولة مصدرة للخدمات البرمجية.
ورغم امتلاك البلاد واحدة من أهم مقومات النهوض في هذا القطاع والمتمثلة بالكادر البشري المؤهل بقيت صناعة البرمجيات تراوح مكانها لعقود، مُكبّلة بجملة من التحديات البنيوية والتقنية.. في هذا الملف نحاول تسليط الضوء على المعوقات التي تواجه هذه الصناعة وفرص نموها وازدهارها لتكون رافداً قوياً للاقتصاد المحلي.

مؤسس شركة ProITS للتحول الرقمي في دبي المهندس بشر كيوان أوضح لـ”الثورة” أن شركته نفذت مشاريع استراتيجية داخل سوريا قبل مغادرته، مثل ربط المراكز الحدودية ومراكز التأمين بالمركز الرئيسي مشيراً إلى استمرار فريقه، داخل سوريا وخارجها، بتقديم خدمات برمجية تشمل تطوير المنصات الحكومية، وتطبيقات الهواتف المحمولة، وخدمات البنى السحابية، وأمن المعلومات.
يرى أن السوق السوري يتمتع بإمكانات بشرية واعدة، وأن خريجي الجامعات يحرصون على اكتساب مهارات جديدة، ما يمنحهم القدرة على التنافس عربياً ودولياً، ورغم ضعف البنية التحتية، والعقوبات التي تحدّ من الوصول إلى التقنيات المتقدمة، نجح العديد من المبرمجين المحليين في العمل مع شركات أجنبية، والحصول على أجور مجزية.
ويعتبر كيوان أن الاستثمار في الكادر البشري هو الرهان الحقيقي لسوريا، ويرى أن الحلول للنهوض بالقطاع تبدأ برفع العقوبات وتحسين خدمات الإنترنت والكهرباء والسماح بدخول الشركات العالمية، كخطوة أولى نحو التحول من مستهلك إلى منتِج للبرمجيات.
معاناة المبرمجين في سوريا تلتقي ذاتها مع معاناة أصحاب الشركات الناشئة التي يستند عملها بشكل أساسي إلى البرمجيات، ومن هنا تنادى عدد من رواد الأعمال لتأسيس اتحاد يضم أصحاب الشركات الناشئة في سوريا بعد سقوط النظام بهدف خلق بيئة مجتمعية قوية ومتماسكة تربطهم داخل البلاد وخارجها.
ويبين أحد أعضاء الاتحاد والمدير التنفيذي لتطبيق “وريد” الخاص بحجز المواعيد الالكترونية في العيادات حسن قويدر أن الاتحاد يسعى لجذب الاستثمارات وتبادل الخبرات، ويعد منبراً يعبر عن تطلعات أعضائه ويوصل أصواتهم للجهات الحكومية والمنظمات المعنية وهو ما لم يكن مسموحاً به في العهد السابق.
ويشرح قويدر أن صناعة البرمجيات جزء أساسي من عمل الشركات الصغيرة والناشئة، واصفاً ما كان يجري في العهد السابق بالتدمير الممنهج لريادة الأعمال حيث فرض على أصحاب الشركات الصغيرة إيداع مبلغ بقيمة 50 مليون ليرة سورية، وهو عبء كبير على أي شركة في طور التأسيس، كما تم انتهاك خصوصية المواطن السوري عبر الدخول إلى قواعد بيانات التطبيقات وهو ما أدى إلى إحجام الناس عن استخدامها، إضافة إلى الانغلاق ومنع التعامل مع شركات خارج البلاد.
وذكر أن طالب الترخيص كان يضطر لمراجعة جهات عدة منها فرع الانترنت لإجراء “الفحص الأمني” حيث يعامل رائد الأعمال كمتهم من حيث الانتظار الطويل والاستجواب إلى أن يتم ” قبض المعلوم” في نهاية المطاف لمنح الترخيص.

واقع جديد وتوجه نحو اقتصاد حر

ويتابع: نعيش اليوم في واقع مختلف تماماً حيث تتجه الإدارة الجديدة نحو اقتصاد حر وصدرت قرارات مشجعة لتطوير القطاع مثل إلغاء التراخيص مما دفع مجموعة من رواد الأعمال في الداخل بالتعاون مع مغتربين سوريين يتطلعون لإطلاق برمجياتهم في سورية للتوجه إلى وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات لعرض التحديات ومقترحاتهم لتجاوزها.
بدوره أوضح رائد الأعمال أحمد نحاس مؤسس شريك في تطبيق “حربوء” وعضو في الاتحاد أن التحديات منها ما يتعلق بالقوانين مثل ارتفاع رسوم التراخيص والخدمات وقيود ضمانات منافسة وشفافية الأسعار التي لا تتناسب مع طبيعة السوق الحر كذلك غياب نظام ضريبي مخصص للشركات الناشئة يضعها في منافسة غير عادلة مع الشركات الكبرى كما أشار إلى قرار فرض الضرائب بنسبة 15 بالمئة على دخل الشركات، وعبء مشاركة الإيرادات المفروض على الشركات الناشئة، والتعاميم المتناقضة التي تصدر تارة وتلغى تارة أخرى مما يحمل الشركات تكاليف إعادة برمجة تقدر بآلاف الدولارات ويجعلها تدور في حلقة تعديلات مستمرة بدلاً من تطوير البرمجيات.

توصيات ورؤى مستقبلية

من جهته تحدث المدير التنفيذي لشركة s soft لصناعة البرمجيات محمد الشعار، عن التوصيات التي تم رفعها لوزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، مشيراً إلى أنها تشمل تبسيط إجراءات الترخيص والسماح بالعمل المؤقت ريثما يتم استكمال متطلبات الترخيص النهائي, والمطالبة بدعم ريادة الأعمال، وتشجيع المغتربين على الاستثمار والمشاركة من خلال إطلاق قوانين تعزز بيئة الاستثمار في المشاريع الريادية

مما يسهم في تحفيز دخول رؤوس الأموال إلى سوريا في وقت قياسي وهو ما تحتاجه البلاد بشدة، وتوصيات أخرى تتعلق بأمور تقنية ومالية وقانونية.
واقترح الشعار إطلاق مشروع وطني خاص كهيئة أو وزارة مستقلة تنسق مع كافة الوزارات لتنظيم ريادة الأعمال ضمن رؤية وطنية، مؤكداً أن الدعم المالي للقطاع ينعش صناعة المنتج الرقمي وعلى رأسها البرمجيات لتصبح سورية دولة مصدرة على مستوى الإقليم ما ينعكس إيجاباً على جميع القطاعات ويشكل قوة ناعمة بيد الدولة مستقبلاً، لافتاً إلى ميزات المنتج الرقمي كونه حر التنقل من دون ضرائب أو قيود وقابل للتوسع والانتشار الكبير وليس كالمنتج الفيزيائي.
تجمع آخر يضم الشركات السورية العاملة في مجال المعلوماتية تأسس في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية تحت مسمى “منتدى شمس” بهدف التوعية بأهمية المعلوماتية في المجتمع، وتطوير واقع العمل المعلوماتي، وتنظيم صناعة البرمجيات في سوريا.


ويتحدث رئيس مجلس إدارته كمال المنجد لـ”الثورة” عن واقع الشركات الوطنية، موضحاً أن عدداً كبيراً منها غير مسجل رسمياً، وليس له سجل تجاري أو صناعي، وقد حاولت شركات البرمجة تنظيم نفسها، لكنها صدمت سابقاً بعدم وجود مظلة لها، ولجأ عدد منها إلى غرفة الصناعة محاولاً الحصول على سجل صناعي، لكن الشروط كانت ضرورة وجود الشركة في المناطق الصناعية مما أدى لحصول خمس شركات فقط على سجل صناعي، فلجأت البقية لتسجل كأي شركة تقدم استشارات أو تقدم تجهيزات كمبيوترات أو مخدمات أو صفحات انترنت أو حتى توريد أي مادة.
وأضاف: “الكثير من الشركات الناشئة تعمل في الظل بسبب عدم وضوح الضرائب والرسوم التي اعتبرت أرباح شركات البرمجة تصل إلى 45 % من مبيعاتها من دون اعتبار لتكاليف التطوير والرواتب والأجور والبرامج”.
وأوضح أن العديد من الشركات تعمل للخارج والكثير من الشباب يعملون كأفراد مستقلين بسبب عدم وجود الشركات الكبيرة، مشيراً إلى أن القيمة المضافة لشركات البرمجة كبيرة جداً بسبب أن رأس مالها هو الفكر البشري، لكن ضعف الطلب على البرمجيات كان يؤدي إلى خسائر فادحة في ظل الظروف السابقة رغم اعتماد الحكومة على برمجيات محلية في مجالات المحاسبة والرواتب والأرشفة والفوترة والعديد من مؤسسات الدولة اشترت من الشركات المحلية البرامج التي أكملت فيها التحول الرقمي الأساسي وبالتالي كان الاستثمار في هذا القطاع جيد مع ضعف الطلب على البرمجيات.
واعتبر أن عدم تنظيم المهنة من أبرز الصعوبات، إذ يدخل السوق من لا يملك الخبرة، كما تأثرت الشركات بالعقوبات بشكل كبير وغياب أطراف مختصة لديها المعرفة بوضع دفاتر الشروط واستلام البرمجيات ما فتح المجال للفساد وضعف الجودة، موضحاً صعوبة الحفاظ على المبرمجين في ظل هجرتهم بسبب الخدمة العسكرية وغياب العقود الملزمة.

 

آخر الأخبار
40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية "الثورة" تشارك "حماية المستهلك" في جولة على أسواق دمشق مخالفات سعرية وحركة بيع خفيفة  تسوق محدود عشية العيد بحلب.. إقبال على الضيافة وتراجع في الألبسة منع الدراجات النارية بحلب.. يثير جدلاً بين مؤيد ومعارض!