دمشق تتمسك وإسرائيل تخرق.. فهل انتهى عهد اتفاقية 1974..؟

أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي:

أكد وزير الخارجية أسعد الشيباني، خلال مؤتمر صحفي في دمشق جمعه مع المفوضة الأوروبية لمنطقة المتوسط، دوبرافكا شويتسا، أن سوريا لا تسعى إلى الحرب، وتتمسك باتفاقية فصل القوات مع إسرائيل الموقعة عام 1974.

وأضاف الشيباني: إن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية تمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية، وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، داعياً إلى احترام الاتفاقية وتنفيذ بنودها بالكامل.

وجاءت تصريحات الشيباني بالتزامن مع تصعيد عسكري إسرائيلي مستمر في جنوب سوريا، خلف خطوط الاشتباك، في منطقة الجولان المحتلة، بدأ عقب سقوط نظام بشار الأسد، وإعلان تل أبيب في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، انسحابها الرسمي من اتفاق فصل القوات، واحتلالها لمنطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة التي كانت تفصل بين الجيشين السوري والإسرائيلي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حينها: “تمت السيطرة على هذه المنطقة منذ نحو 50 عاماً، لكن اتفاقية فصل القوات انهارت بعد أن تخلى الجنود السوريون عن مواقعهم”، معلناً أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المواقع الحيوية في المنطقة العازلة، بدعم كامل من المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت)، وبمشاركة مباشرة من وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

تعود اتفاقية فضّ الاشتباك بين سوريا وإسرائيل إلى ما بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حين وقعت الأطراف اتفاقيات لفصل القوات المتحاربة، برعاية مباشرة من وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنري كيسنجر، وبعد مفاوضات جرت في واشنطن وجنيف.

وقّعت الاتفاقية في 31 مايو/أيار 1974، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي.

نصت الاتفاقية على وقف كامل لإطلاق النار وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 338، وإنشاء منطقتين مفصولتين بخطين يُعرفان بـ”ألفا” (A) من الغرب و”برافو” (B) من الشرق، وتفصل بينهما منطقة عازلة تخضع لرقابة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك (الأندوف).

وتضم المنطقة العازلة مدينة القنيطرة، التي أعيدت حينها إلى السيادة السورية، فيما بقيت مرتفعات الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وتنص الاتفاقية على أن تنتشر القوات السورية شرق خط “برافو”، بينما تقتصر القوات الإسرائيلية على ما بعد خط “ألفا”.

كما تضمن الاتفاق تقييداً للتسليح، ومناطق خالية من الوجود العسكري، إضافة إلى حرية الحركة الجوية داخل الخطوط الخاصة بكل طرف دون تدخل.

وأنشأ مجلس الأمن الدولي قوة “الأندوف” بموجب القرار رقم 350 في مايو/أيار 1974، بهدف مراقبة تنفيذ الاتفاقية. وتتكون القوة من حوالي 1250 عنصراً، يتم اختيارهم من دول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، ويجدد تفويضهم كل ستة أشهر.

وقد تعرضت الاتفاقية لعدة خروقات خلال السنوات الماضية، خاصة من قبل القوات الإسرائيلية، التي توغلت في أراضٍ تقع ضمن المنطقة العازلة.

في ديسمبر 2018، أعرب مجلس الأمن الدولي عن “جزعه من تصاعد العنف في المنطقة”، محذراً من خطر اندلاع مواجهة جديدة، ومؤكداً على ضرورة التزام الأطراف كافة بشروط الاتفاق، وعدم القيام بأي نشاط عسكري في المنطقة العازلة.

وفي أكتوبر 2024، أعاد المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، التأكيد على أهمية استمرار عمل “الأندوف”، ودعا الجانبين السوري والإسرائيلي للتمسك ببنود الاتفاقية كضمانة لاستقرار الوضع الحدودي.

يأتي الموقف السوري الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع في سياق التغيرات السياسية بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وأكدت دمشق على لسان الشيباني أن أولويات الحكومة الجديدة هي إعادة الإعمار وحماية السيادة، لا الدخول في نزاعات، داعياً المجتمع الدولي لدعم احترام الاتفاقات القائمة وتجنب التصعيد.

في المقابل، يرى مراقبون أن الخطوات الإسرائيلية تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض في ظل الانشغال الإقليمي والدولي بملفات أخرى، خاصة أن تل أبيب لا ترى في الحكومة السورية الجديدة شريكاً موثوقاً، رغم انفتاح الأخيرة على التعاون الدولي.

وكان أثار إعلان “إسرائيل” عن انتهاء العمل باتفاقية فصل القوات لعام 1974 عقب سقوط نظام بشار الأسد موجة واسعة من ردود الفعل الدولية والإقليمية المنددة، حيث عبّرت جهات أممية ودول عربية وغربية عن رفضها للخطوة، واعتبرتها انتهاكاً خطيراً للسيادة السورية، ومصدر تهديد للأمن الإقليمي.

المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أعلن في تصريح رسمي أن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك (أوندوف) أبلغت الجانب الإسرائيلي أن التحركات الأخيرة تمثل خرقاً صريحاً لبنود اتفاق عام 1974، الذي لا يزال ساري المفعول من وجهة نظر المنظمة الدولية.

كما صدرت إدانات رسمية من عدة دول، أبرزها السعودية والأردن والعراق وتركيا وألمانيا، والتي اعتبرت التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة، وخاصة في محيط جبل الشيخ، تصعيداً غير مبرر يهدد استقرار المنطقة ويقوض الجهود الدولية المبذولة لإعادة الأمن إلى الجنوب السوري.

في السياق ذاته، كانت قد وصفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الغارات الإسرائيلية المتواصلة بأنها :”الأعنف منذ بدء التدخل الإسرائيلي في الملف السوري”، مشيرة إلى أن ما يزيد على 130 موقعاً حيوياً تمّ استهدافه خلال أكثر من 500 غارة جوية، ترافقت مع عمليات توغل برّية أدّت إلى سيطرة كاملة على قمة جبل الشيخ وعدد من القرى المحيطة به.

وأكدت الشبكة في بيان لها أن إسرائيل استغلت غياب النظام السابق وانسحاب الميليشيات الإيرانية لتبريرهذا التوسع العسكري، رغم أن “الذرائع التي كانت تستخدم سابقاً لم تعد قائمة”، بحسب تعبيرها.

ودّعت الشبكة المجتمع الدولي والجامعة العربية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات واستعادة الأمن والاستقرار في جنوب سوريا، وضمان احترام الاتفاقيات الدولية.

ويبقى مصيراتفاقية فضّ الاشتباك معلقاً بين تمسك سوري بها ورفض إسرائيلي ضمني وفعلي، في وقت تعيد فيه الحكومة السورية ترتيب أوراقها الإقليمية والدولية، وسط تحديات متصاعدة تتطلب دعم المجتمع الدولي لإعادة ضبط التوازن في الجنوب السوري، وضمان احترام الاتفاقات التي جنّبت المنطقة نزاعات كبرى لعقود.

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان