الثورة – غصون سليمان:
على مسافة من جمر التكهنات بين منتقد وراض، توالت ردود الفعل السلبية على حديث عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي حسن صوفان خلال مؤتمره الصحفي يوم أمس الثلاثاء في مبنى وزارة الإعلام، وإن تباينت ردود الفعل بين متابع ومهتم، متشائم ومتفائل، ثمة مساحة للحرية في إبداء الرأي بكلّ صراحة ووضوح.
البعض رأى أن العدالة في سوريا ليست انتقاماً.. بل كرامة تُسترد لكلّ السوريين.. وتصريحات رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية تفتح الأبواب أمام سوريا الجديدة، فهي ليست انتقاماً بقدر ما هي إحقاق وبناء دولة مؤسسات بالمعنى الإيجابي، فيما آخرون أعلنوا استياءهم وقالوا بالفم الملآن “نحن كضحايا أيدينا ليست ممدودة لمصافحة مجرمي الحرب!”.
فيما الصحفي أحمد رحال يرفض محاولات تبرئة فادي صقر، ويحذرمن التفاف على العدالة الانتقالية باسم “السلم الأهلي”.
وفي هذا السياق أيضاً علق المهندس حسن مفعلاني في تعقيبه على ما قاله عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي حسن صوفان: من أن الإفراج عن الموقوفين هو دور لجنة السلم الأهلي، والأحداث الأخرى كحالات الخطف أو غيرها تقوم الدولة بكلّ إمكانياتها لملاحقة المطلوبين والمسؤولين عنها..
ذكر إن كلامه يحمل الكثير من التناقض نظراً لكثرة حالات الخطف منذ ستة أشهر لغاية اليوم وأشار بوضوح إلى أنه لو أن الدولة تقوم بواجبها على أكمل وجه وتصدر أوامر صريحة، وهي قادرة على ذلك من خلال فرض عقوبات رادعة، لما ازدادت حالات الخطف الفردية والجماعية في كلّ المناطق السورية، وإن كانت في أماكن أكثر من غيرها، وما ذكر في هذا البند يبقى مجرد شعارات طنانة لا تغني ولا تثمن من خوف وقلق.
صقر.. غير مرغوب
فيه بدورها عبلة ناصر- أم لمصابين وشهيد، لم ترتح لتفنيد تبرير صوفان حول موضوع فادي صقر الذي تم إعطاؤه الأمان من قبل القيادة بدلاً من توقيفه بناء على تقدير المشهد في حقن الدماء، سواء لدى جنود الدولة أم للمناطق الساخنة والحواضن المجتمعية- حسب قوله، معللة رأيها أن هذا التبرير الضعيف لشخص هو بنظرالكثيرمن الشعب مجرم وبرقبته مزيد من دماء الأبرياء من كلّ الأطراف، فهو على ما يبدو عميل مزدوج غير مرغوب فيه شعبياً، وكلما تكرراسمه على مسمعي أشعر بالغضب وعدم الارتياح، وأكثر من ذلك أشعر أنه وراء كلّ فتنة متحركة خاصة في مناطق الساحل.
مفتاح العدالة.. السلم الأهلي
وتحت عنوان: “مؤتمر صحفي أم تبرير لقرارات عاش المواطن السوري تبعاتها سابقاً”..
تساءلت الصحفية ابتسام المغربي عبر صفحتها في الفيسبوك.. كيف أن المواطن يعيش اليوم جانباً انطلاقاً من التشبث غير المبرر لكلّ ما هو يخالف الرأي العام وسلامة المواطن وحريته وانعكاس ذلك على الوطن.
المغربي ذكرت أنه بالرغم من كلّ الإسقاطات والاستنادات، يجب عدم تبرئة قتلة وميليشيات كانت سبباً في استشهاد الآلاف، وسجن مئات الآلاف.
وتابعت في نقدها، نريد العدالة التي تبرر للوطني انتقاده، وللإعلامي حريته في النقد والتعبير، وللقضاء سلطة استقلاليته، واللجنة الخاصة بالسلم الأهلي أن تكون حرة وبعيدة عن التبرير، وأن تكون مفتاح العدالة التي ستكون بداية مدّ المسارللسلم الأهلي.. لا أدري كيف لمن عاش ظلمات السجن اثني عشر عاماً، وذاق استبداد الظلم الذي ربما يكون لمن يُبَررأمانهم دوراً في ظلمه!.. كيف تُبرر حرية المستبد والقاتل؟!.
نريد الاستناد على الأقل إلى سردية المقهورين من أهالي الشهداء والمغيبين.. لا حلول وسط بثبوت التهم والإجرام، وأن تكون العدالة مقبولة في ظلّ عدم محاسبتهم، هل يبرر لمرتكب مجزرة التضامن إجرامه المدموغ بالصور؟!.
ألم يكن محمياً من قادة التخريب الوطني؟.
وحتماً، وبثقة أؤكد أن جانباً كبيراً من الجرائم التي ارتكبت بحق إخوتنا في الساحل وراءها قسم من هؤلاء الفلول المتعاونين مع مرتزقة مجرمين.. العدالة حلم لا يمكن أن يصبح حقيقة في ظلّ وجود الاستثناء والتبريرالذي يعكس ضعفنا.
إسقاط المسؤولية.. هروب للقتلة
الإعلامي غازي عبد الغفور، نوه من خلال صفحته على الفيسبوك أيضاً، أن حسن صوفان وخلال مؤتمره الصحفي استهترربما عن غير قصد بدماء الضحايا والشهداء وبحقوق أولياء الدم، واستفز ربما عن غير دراية كلّ مَن ينتظر من الدولة تحقيق العدالة..
وتناول عبد الغفور بعجالة بعض النقاط التي وردت في سياق كلام صوفان، وذلك حسب التقاط وفهم مداركه العقلية البسيطة للذي تفضل بها عضو اللجنة.
وقال: في هذا السياق لنتفق أن سوريا لم تكن في حرب أهلية، بل ثورة شعبية ضد النظام المجرم.. هذا قد يساعد في توضيح المشهد.
فأولاً- العدالة الانتقالية لا تعني حرفياً محاسبة كل من خدم أو ساعد النظام الساقط.. بل تعني محاسبة – بكل وضوح- كل من قتل، اغتصب، استباح حرمات الناس واستمرأ سفك الدم السوري، أو شجع على ذلك ولو بالكلمة، أما محاسبة كبار القتلة فتحصيل حاصل.
ثانياً- واتفق معك، أن اعتقال كل من حمل السلاح أمر غير واقعي ولن يحقق السلم الأهلي والعدالة الانتقالية، فهناك أناس مجندة قسراً، وهناك مَن حمل السلاح بحكم عمله، لكن لم يقتل ولم يشارك بعمليات قتالية، لكن ما قولك إن كان صاحب هذا السلاح قد قَتَل وأجرم طواعية وهواية!؟
أجزم أن عدم محاسبته لن يحقق السلم الأهلي بل العكس تماماً.
ثالثاً- في جرائم القتل والاغتصاب الحساب يجب أن يطول الكبار والأقزام.
رابعاً- على العكس تماماً، في إسقاط المحاسبة يكمن ضياع المسؤولية وهروب القتلة والمسؤولين عن ارتكاب المجازر بالتالي سيكون الثأر والانتقام وللأسف هو الطريق في تحقيق العدالة أو لنقل القصاص وبشكل فردي، الأمر الذي سيؤدي إلى الفوضى وظهور الدولة وكأنها لا تستطيع القيام بمهامها وذلك سيفتح الباب أمام التدخلات الخارجية.
خامساً- هل الإفراج عن الموقوفين هو دور لجنة السلم الأهلي؟!
مَن أعطاك ولجنتك حق منح صكوك غفران وبراءة للقتلة! هذا حق أولياء الدم فقط.
سادساً- لا أحد يعترض على إطلاق سراح الضباط وصف الضباط والعسكر وغيرهم ممَن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين وقد سلموا أنفسهم عقب سقوط النظام المخلوع، فهذا مطلب الجميع، ليس هذا فقط، بل يجب إعادتهم إلى مؤسساتهم وسكنهم الذي أخرجوا منه.. أما الرفض هو عن إطلاق سراح القتلة و تبرير ذلك بطريقة استفزازية.
سابعاً- ما حصل ليس من إجراءات السلم الأهلي، بل لبنة في طريق الفوضى والانتقام خاصة في مناطق التماس.
ثامناً- عن أي كمال وثقة ونقاش تتحدث؟ يا رجل، هل تركت مساحة للنقاش، أما الثقة فلها استحقاقاتها ولا تتشكل من فراغ!
وأخيراً- نعم اتفق معك في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات تجنب انفجارات أعنف وقرارات مؤلمة.
لكن هذا لا يعني الاستهتار بحقوق الناس، فسوريا لم تكن في حرب أهلية حيث تتساوى فيها الرؤوس، كلامك المستفز، استهتارك بوجع الناس، وحصر الأمر بيد الحاكم.. هذه أم المصائب!! أين معايير القضاء وأسس العدل!؟ ليس من حق أحد منح صكوك غفران أياً كان.