الثورة – خاص
أكّد المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، في مؤتمر صحفي، أن التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق يحمل بصمات تنظيم داعش، موضحاً أن التحقيقات الأولية أثبتت أن الهجوم نفّذه انتحاري تابع للتنظيم، اقتحم الكنيسة خلال قدّاس يوم الأحد وفتح النار على المصلين قبل أن يفجّر نفسه داخل القاعة الرئيسية.
ولفت البابا إلى أن وزارة الداخلية، بالتنسيق مع الجهات المختصة، تواصل العمل على جمع الأدلة وتحديد الملابسات الدقيقة للهجوم، مؤكداً أن أمن دور العبادة يمثل خطاً أحمر لن يُسمح بتجاوزه، وأن سوريا اليوم أقوى وأكثر قدرة على التصدي للإرهاب، وأكد أن أجهزة الدولة ستعمل على ترميم الكنيسة وإعادتها لما كانت عليه، بالتوازي مع محاسبة جميع المتورطين في هذه الجريمة.
وشدد المتحدث باسم الوزارة على أن هذا الاعتداء لا يستهدف طائفة بعينها، بل يضرب وحدة المجتمع السوري بأكمله، ومحاولة خبيثة لتقويض صورة الدولة وإظهارها عاجزة عن حماية مواطنيها، ولفت إلى أن التحقيقات الحالية ترجّح وجود منفذ واحد للعملية، مع احتمال تواطؤ أطراف مرتبطة بفلول النظام البائد ممن لهم مصلحة في إشاعة الفوضى إلى جانب تنظيم داعش.
وأكد البابا أن التنظيم الإرهابي سيفشل في تحقيق أهدافه، مشددًا على أهمية دور الإعلام الوطني في توعية المجتمع بخطورة هذه المخططات، وأن أجهزة الدولة تواصل جهودها المكثفة لإحباط أي هجمات مماثلة.
في السياق ذاته، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع حصيلة ضحايا التفجير إلى 22 قتيلاً و63 مصاباً، في حين لا تزال فرق الإسعاف والطوارئ تعمل على متابعة وضع المصابين ومعالجة الحالات الحرجة في المشافي الطبية.
ولاقى الهجوم ردود فعل واسعة على الصعيدين الرسمي والشعبي والدولي أيضاً، إذ أدان وزراء الإعلام والداخلية والثقافة والمحافظون والمسؤولون المحليون الجريمة، كما صدرت بيانات تنديد من منظمات المجتمع المدني، وبيانات تضامن من عدة دول ومنظمات دولية، مجمعة على أن هذا الاعتداء يمثل جريمة ضد الإنسانية والوطن، ومحاولة فاشلة لزعزعة استقرار سوريا والنيل من وحدتها الوطنية.
وكان اعتبر وزير الإعلام حمزة المصطفى الهجوم “عملاً جباناً” يتعارض مع قيم المواطنة والوحدة، فيما وصفه محافظ دمشق ماهر مروان بأنه “اعتداء صارخ على وحدة المجتمع”، وأكد وزير الداخلية أنس خطاب أن التحقيقات مستمرة، في حين حمّل وزير الثقافة محمد ياسين صالح مسؤولية الجريمة للقوى المعادية لسوريا بعد سقوط النظام البائد.
وأدانت وزارة الخارجية التفجير واعتبرته محاولة لضرب التعايش، محمّلة تنظيم داعش والداعمين له كامل المسؤولية، فيما توعّد معاون وزير الداخلية عبد القادر طحان بالرد على الجريمة، وأكّد وزير العدل مظهر الويس أن العدالة ستطال الفاعلين.
من جانب المجتمع الاهلي، أدانت رابطة الصحفيين السوريين الهجوم ودعت لتحقيق شفاف، فيما عبّرت الرئاسة الروحية للدروز وحركة رجال الكرامة عن استنكارهم الشديد، وأكد عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان أن الهجوم محاولة لزرع الفتنة ستفشل بتكاتف الدولة والشعب.
دولياً، أدانت الإمارات، السعودية، قطر، العراق، وفرنسا الهجوم، وأعربت عن تضامنها مع الشعب السوري، كما دعا المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى تحقيق شامل، وأكد المبعوث الأمريكي توماس باراك دعم بلاده للحكومة السورية ضد الإرهاب.
وأصدرت مطرانية بصرى حوران للروم الأرثوذكس بياناً حمّلت فيه الجهات المعنية مسؤولية حماية المسيحيين، بينما جدّدت وزارة الخارجية الأردنية تضامنها مع سوريا ورفضها لكل أشكال العنف والتطرف.
جاء تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، يوم الأحد 22 حزيران، ليشكّل واحداً من أكثر الاعتداءات دموية منذ المرحلة الانتقالية، ويحمل الهجوم أبعادًا تتجاوز البعد الأمني، إذ يعكس محاولة لضرب التعايش بين مكونات المجتمع السوري، وزرع الفتنة الطائفية في لحظة تعمل فيها الحكومة السورية الانتقالية على ترسيخ قيم المواطنة والتعددية، وفتح صفحة جديدة بعد عقود من القمع والإقصاء تحت حكم نظام الأسد.