الثورة – ناديا سعود:
في خطوة نوعية نحو تعزيز جهود التعافي الوطني ودعم البنية التحتية، أصدر السيد الرئيس أحمد الشرع المرسوم رقم (112) لعام 2025 القاضي بإحداث صندوق التنمية، كمؤسسة اقتصادية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، بهدف الإسهام الفعّال في إعادة الإعمار وتمويل المشاريع الحيوية عبر القرض الحسن، بما يسهم في تحسين واقع الخدمات الأساسية وتحريك عجلة التنمية.
الخبير المهندس عاصم شحادة أكد لـ”الثورة” على أهمية إحداث هذا الصندوق، ويرى أنه يمثل خطوة استراتيجية كبيرة في مسار إعادة بناء ما دمرته الحرب، مشبهاً دوره المرتقب بصندوق “مارشال” الشهير الذي ساهم في إعادة إعمار ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن صناديق التنمية عادةً ما تُنشأ في أعقاب النزاعات الكبرى والحروب، حيث يُخصص لها التمويل لتسريع تنفيذ المشاريع، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية التي تعرقل الاستثمار والتنفيذ، موضحاً أن الصندوق الجديد يتميز بسهولة التمويل والمرونة، ما سيشجع الممولين والمقاولين وحتى الأفراد الراغبين بالمساهمة في إعادة الإعمار، نظراً لإمكانية الحصول على التمويل من دون ضرائب أو إجراءات معقدة، ما يعزز مناخ الاستثمار ويعيد الحيوية للقطاع الإنشائي والاقتصادي.
وفيما يخص آلية التمويل، أشار شحادة إلى أهمية اعتماد القرض الحسن، موضحاً أن القرض بلا فوائد يفتح المجال أمام شريحة واسعة من الشركات، وخاصة الشركات الإسلامية والخليجية التي ترفض التعامل مع البنوك الربوية، للدخول في مشاريع إعادة الإعمار، مضيفاً: القرض الحسن ليس فقط متوافقاً مع الشريعة، بل يحمل مردوداً اقتصادياً كبيراً، لأنه يجذب رؤوس أموال جديدة كانت مترددة بسبب النظام البنكي التقليدي.
أولوية الماء والكهرباء
وحول أولويات إعادة الإعمار، شدد شحادة على أن “لا حياة بلا ماء، ولا حياة بلا كهرباء”، معتبراً أن الطرق الترابية قد تكون مقبولة مؤقتاً، لكن انعدام المياه والكهرباء يشل الحياة بالكامل، داعياً إلى الإسراع في إعادة تأهيل شبكات المياه، والتفكير الجدي بمصادر جديدة غير تقليدية، خاصة بعد ما كشفته الظروف المناخية الأخيرة من قصور في الاعتماد على الأنهار والينابيع كمصادر رئيسة.
واقترح المهندس شحادة حلولاً بديلة مثل تحلية مياه البحر، وتحويل جزء من مياه نهر الفرات إلى المدن الرئيسية، إضافة إلى إحياء مشروع مياه السن الذي كان يهدف إلى نقل المياه من الساحل إلى دمشق والمناطق الداخلية.
صندوق بلا جمارك
وفيما يخص آلية عمل الصندوق أشار شحادة إلى أن ميزة الصندوق تكمن في قدرته على تمويل المشاريع بشكل مباشر، ومن دون الحاجة لعبور الحلقات البيروقراطية التقليدية. وأوضح أن الصندوق يمكن أن يتبنى أولويات واضحة في التمويل، تبدأ بمشاريع البنية التحتية، ثم تتجه نحو المنشآت الاقتصادية.
كما أشار إلى أن الصندوق سيتيح الاستيراد المباشر للآليات الهندسية والزراعية من دون جمارك، ما يساهم في دعم الورش والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويسرّع وتيرة إعادة البناء بشكل لافت، مؤكدا على أن تأسيس هذا الصندوق، إذا ما تم تفعيله بالشكل المطلوب، يمكن أن يُحدث فرقاً نوعياً في إعادة ترميم المجتمع والبنية التحتية، على غرار تجربة ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية.