الثورة – لينا شلهوب:
في خطوة توصف بأنها تحوّل نوعي في المشهد الاقتصادي السوري، صدر المرسوم رقم 112 لعام 2025، القاضي بإحداث “صندوق التنمية”، كآلية وطنية متكاملة تهدف ليس فقط إلى إعادة الإعمار، بل أيضاً إلى تحفيز الاستثمار وتعزيز البيئة الجاذبة لرؤوس الأموال.
رؤية اقتصادية
بعيداً عن الطابع التقليدي لصناديق الإعمار، يتميز “صندوق التنمية” برؤية اقتصادية حديثة، تضع الاستثمار في صلب العملية التنموية، من خلال دعم المشاريع الحيوية وتمويلها عبر القرض الحسن، وتوفير آليات مرنة تتيح للمستثمرين حرية التداول بالعملة التي يختارونها، ما يشكّل سابقة تشريعية في الواقع الاستثماري السوري.
وبحسب مختصين، فإن ما ورد في المرسوم يفتح المجال أمام المستثمرين من الداخل والخارج للتعامل بحرية ومرونة في إدارة رؤوس أموالهم، بما يعزز الثقة ويقلل من القيود السابقة التي كانت تحول دون انسياب الاستثمار، كما يوفر الصندوق بنية تنظيمية مستقلة، ترتبط مباشرة برئاسة الجمهورية، ما يمنحه الغطاء السيادي الذي يحتاجه أي مشروع وطني بهذا الحجم والطموح.
الأهم من ذلك، أن الصندوق لا يقتصر على ترميم ما تهدم، بل يتعدى ذلك إلى هندسة الاقتصاد السوري بمنهج إدارة الأزمات، عبر الاستثمار في البنى التحتية كرافعة للنمو الاقتصادي المستدام، بما يشمل الطرق والمرافئ والطاقة والاتصالات، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام الاستثمارات النوعية في قطاعات ذات أولوية.
وفي ظل تعدد مصادر التمويل، بدءاً من التبرعات الفردية وصولاً إلى برنامج المتبرع الدائم، فإن الصندوق يتيح نمطاً تشاركياً مرناً، يعكس روح المبادرة والمسؤولية المجتمعية.
شريك في التنمية
إن أهمية هذا المرسوم تكمن في كونه لا ينظر إلى المستثمر كطرف خارجي، بل كشريك في التنمية، ويسعى إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة ورأس المال الوطني والدولي، من خلال بيئة اقتصادية محفّزة، وأدوات مرنة، وشفافية مؤسسية.
في المحصلة، يمثل “صندوق التنمية” فرصة حقيقية لخلق توازن بين إدارة الحاضر وتخطيط المستقبل، وتحويل التحديات إلى فرص، عبر نهج تنموي متكامل يجعل من الاستثمار محرّكاً أساسياً في نهضة الاقتصاد السوري.