هل يستطيع نتنياهو تحمّل تبعات مغامراته المجنونة في غزة..؟!
الثورة – عبد الحليم سعود:
تعيش الحكومة الإسرائيلية أزمة ثقة مصيرية مع الداخل والخارج تهدد عقدها بالانفراط بسبب تطورات الحرب المدمرة على قطاع غزة المحاصر والكلف والأثمان الباهظة المترتبة على نتيجة استمرار هذه الحرب، فرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اختار المضي في حربه إلى النهاية ضارباً بعرض الحائط كل الفرص التي أتيحت لحكومته بوساطات عربية ودولية لإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، وهو ما أشعل خلافات حادة بين المستويين السياسي والعسكري، حيث يلوح نتنياهو بتصعيد الموقف وتنفيذ عملية جديدة واسعة في القطاع المدمر بهدف السيطرة عليه بالكامل، في حين يرفض رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير خطة نتنياهو لإجراء مناورة برية إضافية أو خطة توسع جديدة في غزة، معتبراً أن مدة تنفيذ هذه العملية قد تستمر أشهرا وتتطلب تشغيل ما لا يقل عن ست فرق كاملة في المعاقل المتبقية لحركة حماس، وهو بذلك يشير إلى الكلفة البشرية المتوقعة في صفوف جيش الاحتلال في حال توسعت العملية، حيث تشير التقديرات إلى مقتل نحو 900 جندي وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين منذ بدء العملية في 8 تشرين أول عام 2023.
مسؤولون بارزون من الدائرة المحيطة بنتنياهو أكدوا أن القوات الإسرائيلية تتجه لاحتلال قطاع غزة بالكامل. وأضافوا: “الأمر حُسم، نتجه نحو احتلال كامل لغزة… ستكون هناك عمليات أيضاً في المناطق التي يُحتجز فيها الرهائن. وإذا رفض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هذا الأمر يمكنه الاستقالة”.
يبدو أن نتنياهو الذي أكدت وثائق سرية كشف عنها مؤخراً رفضه مقترحات لإعادة الأسرى ووقف حرب غزة، يجد في استمرار الحرب رغم فظاعة تطوراتها الأخيرة المتمثلة بتهديد نحو مليوني فلسطيني بالمجاعة وقتل وجرح نحو 210 آلاف فلسطيني بالقطاع معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، سبيلاً للتهرب من الامتثال للعدالة الدولية نتيجة ارتكابه جرائم حرب بحق الفلسطينيين.
تقول القناة 13 العبرية: إن الوثائق السرية كشفت بوضوح أن قادة المؤسسة الأمنية كانوا يعتقدون بإمكان التوصل إلى صفقة شاملة لتبادل الأسرى في حينه، واستئناف الحرب إذا لزم الأمر، لكن نتنياهو رفض ذلك.
وأضافت: “القيادة الإسرائيلية بأكملها أخطأت في تقدير أن الضغط في القضية الإنسانية سيؤدي إلى استسلام حماس“.
من الواضح أن نتنياهو يحاول الظهور بمظهر المنتصر رغم كل الخسائر العسكرية والسياسية التي تكبدها كيانه في هذه الحرب، ويعتقد أن استمرار هذه الحرب القذرة ضد المدنيين واحتلال القطاع بالكامل سيضمن له عدم السقوط داخلياً والتخلص من تبعات تهم الفساد التي تلاحقه، وتسمح له بالإفلات من الملاحقات القضائية في المحاكم الدولية نتيجة الجرائم التي ارتكبها.
بطبيعة الحال تبقى حسابات الحقل مختلفة عن حسابات البيدر، ومن المرجح أن توسيع الحرب في قطاع غزة مع كل الفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال سيعرض حياة الجنود وكذلك الأسرى للخطر وهو ما ترفضه جهات في الحكومة والمعارضة والإسرائيلية، لأن التوقعات من داخل حكومة الاحتلال نفسها تقول بأن حماس لن تستسلم، وأن القتال فيما تبقى من القطاع سيكون ضارياً إلى الدرجة الذي ستخيب فيها آمال نتنياهو بإتمام صفقة تبادل الأسرى وفق شروطه المجحفة، إضافة إلى السمعة السيئة التي لحقت بكيانه جراء ما يجري من تجويع وانتهاكات خطيرة في غزة، والتي جعلت بعض حلفائه الغربيين يتراجعون عن دعمهم المطلق للكيان واستعدادهم للاعتراف بدولة فلسطينية، وهو ما لم يكن متاحاً قبل بدء مأساة غزة.