الثورة – سيرين المصطفى
خلقت الحرب في البلاد بيئة خصبة لانتشار ظاهرة التنمر بين الأطفال، الذين وجدوا أنفسهم في قلب تداعيات النزوح والفقدان والحرمان، ما جعلهم عرضة لممارسات مؤذية في المدارس ومراكز الإيواء والشوارع، وتركت آثاراً عميقة على حياتهم التعليمية والنفسية والاجتماعية.
كشف أولياء أمور وأمهات عن تعدد أشكال التنمر التي يواجهها الأطفال، من التنمر اللفظي كالشتائم والسخرية من الشكل أو اللهجة أو الملابس، إلى التنمر النفسي المتمثل في العزلة والإقصاء المتعمد، وصولاً إلى التنمر الجسدي كالدفع أو الضرب، وهي ممارسات تلحق أذى نفسياً ومعنوياً، وقد تتطور إلى إصابات جسدية.
وأشار مراقبون إلى أن أسباب تنامي التنمر خلال الحرب ترتبط بالاضطرابات النفسية الناتجة عن القصف والنزوح وفقدان الأحبة، إلى جانب التمييز الطبقي والمناطقي بين النازحين والمقيمين، والفقر الذي يجعل الطفل عرضة للانتقاص بسبب مظهره أو ظروفه المعيشية، فضلاً عن غياب الدور التربوي للأسرة والتعليم، وانتقال أنماط العنف من الكبار إلى الصغار عبر التقليد.
ويقول اختصاصيون نفسيون إن التنمر يترك آثاراً بالغة على الأطفال، منها تراجع الأداء الدراسي، فقدان الثقة بالنفس، الشعور بالدونية، الانعزال الاجتماعي أو التحول إلى العدوانية المفرطة، وصولاً إلى اضطرابات نفسية قد تؤدي للاكتئاب أو التفكير بالانتحار، بالإضافة إلى فقدان الإحساس بالأمان والانتماء.
ويرون أن مواجهة التنمر تتطلب استجابة شاملة تشمل التوعية بخطورة الظاهرة عبر الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وتدريب المعلمين والمشرفين على رصد الحالات والتعامل معها، إلى جانب دعم الصحة النفسية للأطفال بإنشاء مراكز متخصصة في المدارس والمجتمعات، وتعزيز ثقافة الحوار والاحترام داخل الأسرة والمجتمع، وضمان دمج الأطفال النازحين والمهمشين في الأنشطة التعليمية والاجتماعية بشكل عادل.
وبنظرهم فإن التنمر على الأطفال في سوريا ليس ظاهرة عابرة بل جرح عميق يضاعف من معاناة الطفولة في ظل إرث الحرب، وأن بناء مجتمع سليم يتطلب حماية الأطفال من كافة أشكال العنف، وتوفير بيئة تضمن لهم الأمان والانتماء، وتصون كرامتهم كخطوة أساسية في إعادة إعمار النسيج الاجتماعي للبلاد.