الثورة – رنا بدري سلوم:
لم تقف درجات الحرارة المرتفعة عقبة أمام البدء بحملتهم “النظافة ثقافة”، بل واجهوا ساعات الحر اللاهية، وانطلقوا من الحديقة البيئية باتجاه سوق العصرونية في محيط قلعة دمشق إلى الشوارع والأزقة القديمة التي تحكي ألف حكاية، يثبتون أن الثقافة ليست حبيسة الكتب والمكتبات الفارهة، بل تتتبع نبض الشارع وتسمع صوت المارة على الأرصفة وتشعر بوجوه الطرقات التعبة وربما المهملة، التي تبدو جميلة حين تكون نظيفة، مشكلة لوحة جمالية في ذاكرة كل منا لتترك شعور الخير والطمأنينة..
إنه “النقاء الداخلي” الذي يعكسه هذا المشهد- كما وصفه وزير الثقافة محمد ياسين صالح، الذي شارك بالحملة كأي متطوع غيّور، حمل الأكياس وجاب الأزقة وابتسامته بدت واضحة المعالم، مؤكداً لصحيفة الثورة “هكذا نجمل وننظف بيتنا”..
“سوريا بيتنا الكبير” الذي ينهض من تحت الركام ويبني أركانه بالحب والإيمان الذي لا يتزحزح في قلوبنا المؤمنة، فالحملة ليست فكرة وانطلقت في المحافظات السورية وحسب، بل فكرة عميقة الأثر انطلقت من أعماقي، حملة هي دعوة بسيطة، لكن في مضمونها جوهر، أن تبدأ، بأبسط الأدوات الموجودة لديك، بتنظيف المكان القريب منك، من أمام منزلك أو مدخل البناء أو محيط عملك أو دراستك، أو حتى حديقة الحي.. وأن تمتنع عن رمي النفايات في الشارع، بخطوة صغيرة، تفتح باباً كبيراً للتغيير.. كانت فكرة لمعت في ذهنه، لافتاً إلى أن الاهتمام بالمكان الذي نعيش فيه هو جزء من ثقافتنا وانتمائنا، والنظافة تبدأ من الحي والرصيف، وهي انعكاس لنقاء الداخل قبل أن تكون مظهراً خارجياً.
وأوضح الوزير صالح أن الحملة تهدف إلى نشر الوعي وتحويل النظافة إلى سلوك يومي، لافتاً إلى العمل على جعل يوم السبت يوماً وطنياً دائماً لتنظيف سوريا، بالتعاون مع مختلف الوزارات والجهات المعنية.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تتكامل مع جهود الوزارة في تعزيز الهوية الثقافية ومواجهة خطاب الكراهية، من خلال تفعيل المكتبة الوطنية وتنظيم ملتقيات ثقافية تعيد للسوريين فخرهم بتاريخهم وانتمائهم.
“النظافة ثقافة”
“كان يوم السبت بداية الحملة، والهدف أبعد من ذلك، بأن يكون كل يوم هو يوم نظافة، هكذا نبدأ بإعادة الحياة لسوريا التي نحبّها، نظيفة وجميلة ومليئة بالأمل.. ولكي ننشر رسالة الحملة ونشارك بها الآخرين، دعا المعنيون بالحملة كل المشاركين أن يشاركوا بصورهم، بتصوير المكان قبل وبعد التنظيف، وإرسال الصور، وسيتم اختيار أفضل صورة أسبوعياً، لأن الأثر الذي تتركه يستحق أن يُحتفى به”.. وفقاً لما صرحه لصحيفة “الثورة” مدير الثقافة في ريف دمشق الأستاذ محمد الرحابي.
معاً نحدث أثراً
من الجميل أن يحجز الورد الأحمر مكانة له في تلك الحملة، مرافقاً لبطاقة دعوة حضرت قبل بدء الحملة كتب عليها أجمل العبارات: “لأن الثقافة تبدأ في التفاصيل من الحي الذي نحبه من الرصيف الذي نمشي عليه، ومن كل زاوية تعكسنا وتشبهنا ندعوكم للانضمام إلى الحملة”، بهذه الجملة بدأت الحملة نداءها “النظافة ثقافة”.
وبين الرحابي- والذي يعتبر المنسق للحملة، أنه في ساعات الصباح الأولى بدأ الفريق كأنه خلية نحل من ستين فريق تطوعي انطلقوا في ريف دمشق بالتعاون مع المجتمع المحلي وإداراته النافذة من مجلس بلدي ومحافظة، يجوبون الشوارع يكنسون يثبتون أن النظافة من الإيمان ببلدهم الأجمل.. وأوضح أنه ما إن أعلنت الحملة انطلاقتها حتى تهافتت الاتصالات والاستفسارات لتطوع الكثير من الشبان والشابات، كل من منطقته وحيه ومدرسته، مؤكداً أن ثقافة النظافة من الإيمان وأن هذه الأرض تمثلنا ونحن نحمل القيم النبيلة وأخلاقيات ديننا.
نسعى نحو الجمال
معظم من التقيناهم، وهم يعملون بجد في الحملة منهم من يوزع عبوات المياه للعطشى من المتطوعين ومنهم من يكنس الأرصفة والشوارع في دمشق القديمة ومنهم من يحمل أكياس سوداء ويلتقط النفايات، كانوا يعيشون ساعات فرح، يوسف، سيدرا، ومحمد، والمتطوعة سهام حداد، إحدى المشاركات في الحملة عبروا عن سعادتهم بالمشاركة وحماسهم للعمل التطوعي.
وبينت حداد أن المتطوعين من المكونات السورية المختلفة، وقد تساعدنا طوال يوم الحملة، موضحة أن نشاط المجموعة في هذا اليوم انطلق من قلعة دمشق وتحديداً في الحديقة البيئية، مشيرة إلى أن الحملة ستتوجه لاحقاً إلى مناطق أخرى.