المكتبة الوطنية .. رؤى جديدة ترسم منارة سوريا الثقافية 

الثورة – محمد الحريري:  

تحول فضاء المكتبة الوطنية في دمشق اليوم إلى منتدى حواري مفتوح، مع انعقاد “المؤتمر التشاوري لإعداد الهوية الاستراتيجية للمكتبة الوطنية”، خطوة تعد الأولى من نوعها منذ سنوات، في محاولة لإعادة رسم ملامح هذا الصرح الثابت أمام التغيير.

حضور يثري الموقف

المؤتمر الذي ضم عدداً من المسؤولين والمثقفين والفنانين، من بينهم وزير الثقافة محمد ياسين الصالح والفنان مكسيم خليل.

افتتح بكلمات قدمها مدرب المهارات الإدارية خالد الصعيدي، مشيراً إلى أن هذه الفعالية وسيلة للبحث عن شكل جديد يليق بالمكتبة الوطنية بعد سنوات من التهميش، مانحاً الجلسة منذ لحظاتها الأولى نبرة تشاركية واضحة.

تلاه وزير الثقافة بكلمة قدمت الأسس الفكرية للمشروع، معلناً عن إطلاق مسابقة المكتبة الوطنية لتشجيع القراء، بالتوازي مع معرض كتاب جديد.

وفي حديث خاص لصحيفة الثورة صرح الوزير الصالح: “إننا لا ننظر إلى المكتبة كمكان نخزن فيه الكتب، بل كصرح من صروح المعرفة والعدالة الثقافية”، مؤكداً أن المكتبة ليست رفوفا مغلقة، إنما فضاء يكسر فيه حاجز الخوف، وتستعاد فيه الثقة بين المجتمع ومؤسساته الثقافية.

وأضاف الوزير: “هذه المرة الأولى التي تفتح فيها أبواب الدعم الثقافي دون سقف، اليوم نصنع المناصب ولا نستمتع بها، فقد انتهى زمن المسؤول الذي يجلس في قصره العاجي، وانتهى زمن الخوف،” هذه الكلمات حملت تعهداً بتعزيز دور الشباب، وتوسيع المشاركة بين القطاع العام والخاص، في إطار رؤية ثقافية جديدة تتجاوز البنية التقليدية وتعيد وصل ما انقطع بين الدولة والشعب.

رؤية نحو المستقبل

الجمود الذي عايشته المكتبة الوطنية لسنوات طويلة خلال العقود الماضية، كان الدافع الأساسي لهذا المؤتمر التشاوري.

مدير المكتبة الوطنية سعيد حجازي، عبر بوضوح عن اتساع الفجوة بين المكتبة وتطورات العصر، لاسيما في ظل تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمنة، ويقول: “إن المكتبة منذ التأسيس إلى الآن، بنفس البنية، ونفس الهوية والرؤية”، مشيرا إلى الإهمال التي شهدته المكتبة والذي حال دون أن تكون مكاناً للقراء.

يرى حجازي أن الهدف الجوهري للمؤتمر هو كسر الصورة المتوارثة عن المكتبة الوطنية، كمكان يتبع لأجهزة الدولة، موضحاً: “الناس كانت تخاف أن تزورها، ويسألون هل هي فرع للأمن؟، اليوم نقول لهم: هذه مكتبتكم”، فبهذه الرؤية تتحول المكتبة إلى فضاء مفتوح يشعر الناس فيه بالانتماء.

جسور المشاركة الوطنية

لم يقتصر المؤتمر على الجهات المعنية، بل فتح الباب أمام مختصين من مجالات مختلفة للمشاركة في رسم ملامح وطنية للمكتبة، فقد قسم العمل إلى ثلاث ورشات متخصصة، شملت: الورشة العمرانية لإعادة هندسة المكان بما يخدم تجربة القارئ، ورشة الخدمات والنظم الفنية للتحول الرقمي وسياسية المصادر المفتوحة، وورشة الهوية الاستراتيجية لتحديد الهوية البصرية والإدارية والإعلامية للمكتبة، في خطوة لإشراك جميع أبناء الوطن في صياغة الهوية.

من جهته يوضح خالد صعيدي أن الانفتاح يمثل كسراً لإرث طويل من الانغلاق، قائلاً: “إن الحكومة أرادت أن تسمع من الجميع، فاستدعت أهم القامات للمشاركة في تشكيل الهوية الجديدة”، والاستفادة من خبراتهم للخروج بمعطيات تساعد في خلق هذه الهوية.

كما كان لحضور الفنان مكسيم خليل دلالة على الدعم الواسع لهذه الخطوة، وأكد: “أنه يرى أن هذه الخطوة مهمة جداً لصورة سوريا أمام الجميع، ونحن هنا للمشاركة وتقديم المقترحات”، فمستقبل الثقافة يبدأ من مؤسسات حية قادرة على مخاطبة الشعوب.

وفي ختام الجلسة، أكد الوزير الصالح أن الهوية الجديدة ليست مجرد شعار، بل هي تجسيد للهوية الوطنية: “الهوية الوطنية هي أصالة شعبنا، ورسالتها هي التمكين والجمال”.

وبتداول المقترحات التي خرجت بها الورشات الثلاث، تكون دمشق قد أطلقت خطوتها الأولى لبناء منارة ثقافية تستعيد ثقة الناس من خلالها، وتفتح نافذة واسعة على المستقبل، فالمكتبة الوطنية لن تظل مكانا نستعير منه الكتب، وإنما فضاء يتيح المعلومات أمام الجميع.

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها