الثورة – عبير علي:
افتُتح مساء اليوم في ثقافي أبو رمانة المعرض الفني الجماعي بعنوان “همسات لون”، الذي نظمته وزارة الثقافة بالتعاون مع مديرية ثقافة دمشق.
جمع المعرض عشرة من الفنانين التشكيليين السوريين، عرضوا على جدرانه مجموعة من الأعمال التي تعكس جماليات التراث الفني السوري، وتعبّر عن حبهم لدمشق وجمالياتها المعمارية وثقافتها الأصيلة.

بين الماضي والحاضر
يمثل “همسات لون” جسراً يصل الماضي بالحاضر، ويجسد عشق دمشق بذكرياتها الجميلة، من أزقتها العتيقة إلى ياسمينها المتناثر على الجدران كما وصفته الفنانة والمشرفة على المعرض، نجوى الشريف، في حديثها لصحيفة الثورة، وأشارت إلى أن “المعرض هو تحية للذاكرة الدمشقية، لذكريات الجدات والأمهات اللاتي تركن بصمة حب في نفوسنا، محورية في تشكيل روابط العائلة والذاكرة الجماعية”. اللوحات التي عرضت في المعرض تمثل تجسيداً حياً لدمشق القديمة، بأسواقها، وأزقتها، وأجوائها التي يعشقها الجميع.
من أبرز اللوحات في المعرض كانت “لوحة التكية السليمانية”، التي رسمتها الفنانة التشكيلية إنصاف السلامة بالتعاون مع الفنان أحمد النويعم، والفنان الحرفي محمد نزار جاويش. النويعم تحدث عن اللوحة قائلاً: “التكية السليمانية هي رمز للتراث الدمشقي، وما نقدمه اليوم هو نتيجة تعاون مشترك يعكس تاريخ هذا المعلم العريق، ويهدف إلى إحياء روح دمشق العتيقة”. اللوحة تمزج بين الفن التشكيلي والحرف اليدوية، وتحمل في تفاصيلها تراثاً طويلاً وثقافة غنية، لتصبح شاهدة على تاريخ المدينة العريق.
وقد تحدثت الشريف عن دور المرأة السورية في نقل التراث الثقافي عبر الأجيال، مؤكدة على تأثير الجدات والأمهات في تشكيل الذاكرة الجماعية. وقالت: “من منا لا يتذكر جدته وأشيائها القديمة التي أثرت في طفولته؟”. اللوحات التي عرضتها الشريف كانت بمثابة تجسيد للمرأة السورية في مختلف مراحل حياتها، حيث كان لها دور أساسي في نقل القيم الثقافية والحضارية.

تاريخ دمشق وأصالتها
كما شارك الفنان التشكيلي نذير البارودي بمجموعة من اللوحات التراثية التي تبرز معالم دمشق القديمة مثل “باب الحديد” و”جامع المعلق” و”الترامواي السنانية”. ومن بين اللوحات التي عرضها أيضًا “مقهى النوفرة” و”الجامع الأموي”، إضافة إلى توثيقات تاريخية لمدينة دمشق في الستينيات.
أما الفنان أحمد شما فقد شارك بأربع لوحات أكريليكية، تضمنت لوحة بانورامية لساحة يوسف العظمة، إلى جانب ثلاث لوحات جسدت مدينة دمشق القديمة بطابعها التاريخي العريق. من جهته، عرض الفنان عدنان قاسم خمس لوحات زيتية تنقل مهناً وحرفًا سورية تقليدية، مثل صناعة الفخار والحياة الريفية. عشق فني لا ينتهي
مدير المركز الثقافي في أبو رمانة عمار بقلة، قال في تصريح لصحيفة الثورة: “إن المعارض الجماعية تبرز جماليات متعددة، حيث نرى تنوعاً في الأساليب الفنية المتبعة من قبل مختلف المدارس الفنية. وتتناول هذه المعارض مواضيع متنوعة تعبّر عن رؤى الفنانين في تصوير دمشق، كما هو الحال في لوحات الفنان نذير البارودي التي تلتقط روح المدينة، بالإضافة إلى الحرف اليدوية التي تُعتبر جزءًا من التراث الدمشقي الأصيل. هذا التنوع في المعارض الجماعية يساهم في إبراز الإبداع الفني بمختلف تجلياته، ويسمح للفنانين بتبادل التجارب والخبرات، ما يُثرِي الحركة الفنية المحلية ويعزز التعاون بين مختلف الأجيال والمدارس الفنية.”
“همسات لون” هو رحلة عبر الزمن إلى دمشق، المدينة التي لا تزال تسكن قلوب الفنانين والمبدعين.
أتاح الفنانون من خلال أعمالهم للزوار فرصة للاحتكاك بالتراث السوري العريق، والتفاعل مع جوانب الحياة الدمشقية عبر ألوان وقوام المعروضات الفنية.
المعرض، الذي شهد تفاعلاً كبيراً من الزوار، يعد فرصة فريدة للاحتفاء بتاريخ المدينة الغني ولإعادة إحياء الذاكرة الفنية من خلال اللوحات التي تغني المشهد الثقافي السوري.
وفي الختام، يظل “همسات لون” دعوة مفتوحة للجميع للغوص في تفاصيل دمشق، عراقتها، وحكاياها التي لا تنتهي.
حضر افتتاح المعرض رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، الدكتور محمد صبحي السيد يحيى، وأمين سر الاتحاد مروان عقدة، والفنان أسامة دياب، مسؤول التدريب والتأهيل في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، والفنان التشكيلي محمد ركوعي، رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، ورئيس المركز الثقافي عمار بقلة، بالإضافة إلى حشد من الفنانين والمثقفين.