من الحاجة إلى الاستقلال.. نساء يصنعن الحياة

الثورة- بتول أحمد:

 

في سوريا، حيث تتقاطع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، تبرز آلاف النساء العاملات في القطاعات غير الرسمية كقوة صامتة تدفع عجلة الحياة.

من المنازل إلى العيادات، ومن صفحات الإنترنت إلى الأسواق، تتشكل قصص كفاح لا تُروى.. فمن شغف الطفولة إلى محل يحمل اسمها، من حلب إلى دمشق هكذا بدأت فاتن رحلتها من حب الطفولة للموضة، إذ سافرت إلى تركيا، حينها شاهدت نساء يعملن أونلاين، عادت إلى سوريا، وبدأت من الصفر، عملت مع شركة، طورت نفسها، جمعت رأس مال، وافتتحت محلاً خاصاً بها من دون أي ديون.تقول فاتن: “زوجي كان يحبطني، لكن أولادي وأهلي كانوا سندي، عملي جعلني أقوى، واعتمد على نفسي، وحلمي أن يكون لدي ماركة باسمي.”فاتن تمثل نموذجاً للمرأة التي صنعت استقلالها من شغفها، رغم غياب الدعم المؤسسي.

تطوير المهارات

من عين الفيجة، تعمل سمر في عيادة طبيب مختص “أنف، أذن حنجرة وتجميل”، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة، ورعاية أختها من ذوي الإعاقة، وجدت في عملها مصدراً للعيش ووسيلة للتعلم.”الناس يحبونني ويشعرون بالراحة معي، رغم التعب أنا أحب عملي، المرأة العاملة لها كيان وقيمة، وأنا فخورة بمكاني.”سمر لم تتلقَ دعماً من أي منظمة، لكنها تطمح لوجود مراكز تدريبية ومشرفين أكفاء لتطوير مهاراتها.

من إعلان إلى مصدر دخل

في حديثها لصحيفة الثورة، تروي إحدى العاملات في مجال الخياطة المنزلية كيف بدأت رحلتها بدافع الحاجة، بعد أن وجدت إعلاناً عن فرصة عمل عبر موقع فيسبوك: “بحثت عن عمل على الفيس، ووجدت إعلاناً من شركة، كنت بحاجة ماسة للعمل، فبادرت بالتقديم.

“رغم أن رغبتها في الخياطة كانت محدودة، إلا أن الممارسة اليومية ساعدتها على تطوير مهاراتها تدريجياً، وهنا تقول: “تعلمت من خلال العمل نفسه، التدريب العملي كان أهم من أي دورة”، “العمل منحني استقلالية وثقة بالنفس، وهذا أهم ما اكتسبته.”ورغم أنها لم تستفد من أي دعم خارجي أو تدريبي، إلا أنها تعرف تماماً ما تحتاجه لتطوير عملها: “أحتاج إلى تمويل ومكان مناسب.”

هواية تحولت إلى مصدر رزق

من دمشق، بدأت وئام مشروعها في صناعة الحلويات والطبخ بدافع الشغف، لكن سرعان ما أصبح مصدراً مساعداً للدخل، ورغم غياب رأس المال الكافي، وغياب الدعم من أي جهة، استطاعت أن تطور عملها تدريجياً.تتابع وئام “لا يوجد دعم، لكن إرادة العمل منحتني ثقة بالنفس، ونظرة الناس إيجابية جداً.”تطمح وئام للحصول على تمويل وأجهزة تساعدها في تطوير مشروعها، وتوجه رسالة للنساء المترددات أن يبادرنا بمشروعهن ويملأن وقتهن بما هو مفيد.”من هذا المنطلق بدأت ميساء عملها على الإنترنت لمساندة زوجها في مصروف المنزل، بعد إنهاء واجباتها الأسرية، إذ تخصص يومياً ساعتين إلى ثلاث للعمل الرقمي، فهي لم تتلقَ تدريباً، لكنها وجدت دعماً من العائلة والأصدقاء، ورأينا أن أكبر تحدي هو التعامل مع الزبائن، لكن نظرة المجتمع تغيرت، وتحولت لنظرة احترام وتقدير، واصبح الآخرون يعرفونني أكثر.” السيدة ميساء، مثل الكثيرات من سيدات الوطن ، تعمل في سوق رقمي بلا قانون، حيث لا حماية ولا ضمانات، لكنها ترى في عملها باباً للاستقلال والثقة بالنفس.

مساهمة غير مرئية

يقول الباحث الاجتماعي سعيد عيسى في تحليل منشور على منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي، النساء في القطاع غير الرسمي يعملن دون حماية قانونية، بأجور منخفضة، وغالباً ما يُحرمن من التأمين الصحي أو التقاعد، ومع ذلك، هنّ العمود الفقري للاقتصاد المحلي غير المرئي.

وتشير دراسة صادرة عن “المؤشر السوري لاستطلاعات الرأي” إلى أن 63 بالمئة من النساء العاملات يواجهن تمييزاً في المكافآت والترقيات، و51 بالمئة لا يعتقدن بوجود خطط فعالة لتمكينهن، بالإضافة إلى أن 36 بالمئة يعانين من نقص التمويل الذي يعيق حصولهن على تدريب مهني.

ما وراء الأرقام

هذه القصص ليست استثناءً، بل تمثل واقعاً واسعاً لنساء يحملن سوريا على أكتافهن، من دون أن يُذكرن في التقارير الاقتصادية أو السياسات العامة.. إن دعمهن لا يعني فقط إنصافاً فردياً، بل خطوة نحو تنمية مجتمعية شاملة.

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها