زهرة البودي: “صول” فيلم مُلهم يقدم نموذجاً لتحدي الظروف

الثورة – فؤاد مسعد:

لا يزال فيلم “صول” “Sol” إخراج زهرة البودي محط أنظار المهرجانات لما يحمل من خصوصية وفرادة، فقد تم اختباره للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الدولي للأفلام الوثائقية “BOSIFEST 2025″، الذي يُعقد في بلغراد “صربيا” بين 20 و22 تشرين أول القادم، ويُقام من أجل الأشخاص ذوي الإعاقة.

وسبق لـ “صول” نيل جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان الإمارات السينمائي، وجائزة جائزة أفضل فيلم وثائقي عن الإعاقة والفنون ضمن مهرجان جولدن فيمي السينمائي في بلغاريا، كما عُرض في مهرجانات عدة أقيمت في دول مختلفة “إسبانيا، اليونان، كوريا، الهند، فرنسا، مصر”.

والمفارقة أنه رغم كل ما حققه لكنه لم يجد طريقه بعد ليعرض أمام الجمهور في دمشق، والسؤال: ما المُنتظر أن يُحققه بعدلينال هذه الفرصة؟.

يحكي الفيلم عن “غابي صهيوني” ورحلته الموسيقية التي تحدى من خلالها الصعوبات، فهو من ذوي الاحتياجات خاصة، ويعاني من “متلازمة العظم البلوري” التي أقعدته عن الحركة والمشي وأفقدته بصره، فوجد شغفه بالموسيقا.

وتبقى مثل هذه الأفلام قليلة عالمياً، إلا أنها تحمل بذور نجاحها عندما تُصاغ بصدق وتُنسج بشغف.

عنه تقول مخرجته: “رغم الصعوبات الإنتاجية، إلا أنه كان مشروع حياة”.. ولتسليط الأَضواء الكاشفة عليه بشكل أكبر، كان لنا هذا اللقاء مع مخرجته زهرة البودي:

– كيف وظّفتِ العلامات الموسيقية ضمن الفيلم من “دو” إلى “صول”؟ وعلى أي أساس تم تقسيمها؟

فكرة تقسيم الفيلم وفق العلامات الموسيقية بدأت عام 2018، وطورناها عام 2021 أثناء مونتاج الفيلم، على أساس المعنى الفني للعلامات الموسيقية، وتناقشت مع المشرف الفني المخرج رامي نضال حولها فقال: إنه يمكن أن نؤسس عليها وفقاً للحالة الشعورية.

كانت الـ “دو” هي التأسيس وربطناها بمرحلة تعلم الموسيقا والأساسيات الأولى في الحياة كتعلم القراءة والكتابة، ومرحلة اكتشاف أهله لمرضه، أما الـ “ري” فهي العلامة المراهقة التي انتقل فيها غابي إلى ما بعد الطفولة والتأسيس، وارتبطت بمغامراته وما يقوم به في الحياة.

وشكّلت الـ “مي” الإنجازات التي حققها وظهوره على المسرح وألحانه، وكل ما قام به بين العشرينينات والثلاثينيات، وهذه العلامة الموسيقية تُستخدم عادة في النوطات المفرحة، وربطنا الـ “فا” بالوضع الصحي الذي انتكس كما انتكس عمله في الموسيقا، فترك التلحين والمعهد.

والختام كان عند “صول” لأن الدراسات القديمة تقول إنها علامة الاستقرار، بمعنى أننا أمام شخص عانى وتحدى وحقق إنجازات، واليوم لديه حياة سيكملها بطريقته.

وبالتالي اخترنا أن نعرض جزءاً من الحياة التي عاشها وفق السلم الموسيقي، ولكن لم نُقفل السلم لأن لديه حياته التي يعمل فيها بجد، فدائماً “البيبليوغرافيات الوثائقيات” تنتهي بموت البطل، ولكن حاولنا الخروج من هذا المنحى، وأردنا الوصول إلى الاستقرار في المكان الذي وصلنا إليه، ولهذا كان اسم الفيلم “صول”، فقد طرحنا ما حققه، أما علامة الـ “لا” فتعتبر فصلاً جديداً عليه هو أن يبنيه بعد الفيلم.

– إلى أي مدى سعيت إلى إبراز روح التحدي لديه؟

كان مثالاً ونموذجاً للكثيرين، وأرى أن مدة الفيلم “42 دقيقة” لا تشكل شيئاً أمام ما أنجزه غابي، فلديه الكثير، وكمية “الرشز” التي صورتها عنه كافية إنجاز أربعة أفلام، ولكن انتقينا ما يناسب الفيلم، واخترنا “الرشز” على أساس بناء السيناريو.

صورت مع غابي أكثر من سبع سنوات، فبدأنا عام 2015 وانتهينا عام 2022، وعانيننا كثيراً، ولكن تراكم الرشز على مر السنوات هو ما أوصلنا للرواية التي أحببنا أن نقدمها في الفيلم، فخلال كل هذه السنوات استطعت الحصول على قصة جميلة.

– إن كان العنصر الأول في نجاح أفلام السير الذاتية الانتقاء الصحيح للشخصية، فما الحافز الذي دفعك إلى اختيار غابي؟

هناك تقاطعات كثيرة بيننا، فقد تعرفت عليه ونسيته ولم يكن لدي نية إنجاز فيلم عنه، ولكن التقينا بعد سنتين فعرفني من صوتي، وبعد معرفتي به عن قرب قلت له فلننجز فيلماً وثائقياً، وكانت الفكرة الأولى أنه شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة ولديه إنجازات يمكن الحديث عنها ضمن فيلم قصير، ولكن بعد أن بدأت اكتشفت أنه شخص لا يمكن اختصاره بعشر دقائق.

ـ أين تمحور هاجسك في الفيلم؟.. أفي تقديم الشخصية بأمانة كقصة حياة؟ أم بإظهار حالة التحدي لديه، أم بمحاولة التأثير على المشاهد للتعاطف مع حالته؟

فكرة الحصول على تعاطف الجمهور لم تكن واردة، لأنك أمام شخصية لست مضطراً أن تكسب تعاطف الجمهور معها، فليس هناك ما يستدعي التعاطف، لأن غابي شخص أكثر من طبيعي.

– هل يمكن القول إنه بعد رؤيتنا للفيلم قد نشعر بوجوب التعاطف مع أنفسنا لأننا ربما لا نملك إرادة التحدي التي لديه؟

هذا ممكن، ففي لحظة من اللحظات كنت أقول لماذا شبابنا ليسوا هكذا، فغابي من عمر 12 سنة كان ينسخ “سيديات” لأغاني حسب الطلب للأشخاص المحيطين به ويبيعها، ليحصل على دخل، وقال والده في الفيلم إنه لم يكن مضطراً لأن يصرف عليه، فمنذ كان طفلاً استطاع تدبير أمر مصروفه الشخصي.

– أيمكن القول إن الفيلم قدم غابي قدوة للآخرين وملهماً لهم؟

أكيد، فهو فيلم مُلهم، ويقدم نموذجاً لشخص لديه إرادة عالية وتحدٍ لكل الظروف التي عاشها، فعندما يضع هدفاً نصب عينيه لا يوقفه أي شيء، ومن يحضر الفيلم سرعان ما يخرج من حالة أنه يشاهد شخصاً لديه إعاقات ليذهب باتجاه إلى أي مدى لديه طموح عالٍ يعمل على تحقيقه، وإلى أي مدى هو شخص ملهم لآخرين؟.

فهناك أشخاص استطاع غابي أن يدفعها لأن تتغير، وهذا ما قاله الناس عنه.

– ما حكاية “أنا الواحد في المليون”؟

المرض الذي يعاني منه في العظم نادر جداً، وقال له الدكتور: إن نسبة المصابين فيه “واحد على مليون”، ويكرر غابي الجملة نفسها في الفيلم قائلاً “وأنا الواحد على مليون”، وهي عبارة حملت بعداً أكبر والكثير من التحدي، الأمر الذي ظهر في الفيلم، وعندما قالها كان في المستشفى وبوضع صحي حرج.

– إلى أي مدى حاولتِ إبراز دور الأهل؟

عاش والديه رحلة المعاناة التي غيرت حياتهما عندما عرفا أن لديهما شخصاً مصاباً في المنزل بشكل دائم، فتخليا عن أمور كثيرة وقالا: “مهمتنا باتت مع غابي”.

كان لوالديه دورهما المهم جداً، فلوالده دور خاص في حياته، ربما لم يكن مباشراً كالأم، ولكنه كان صديقه وداعماً له ولديهما نشاطات مشتركة، بينما شكّلت والدته محور حياته، وكانت أماً عظيمة.

بقيت أحاول أربع سنوات لأصور الأب ودائماً كان يرفض الظهور، وكأنه خلف الكواليس كالجندي المجهول، لكنني أصريت على حضوره وأن يحكي كلمته لتكون الصورة كاملة، وبالفعل شكّل لقائه في الفيلم نقلة نوعية نحو منحى آخر.

– أول عرض للفيلم كان عام 2023، ولا يزال إلى اليوم يحجز مكانه في المهرجانات، فما السبب في ذلك؟

ربما أخذت من غابي فكرة الإرادة والتصميم على الوصول، ولكن عانينا في التوزيع للمهرجانات وتأخرنا سنة كاملة، وفيما بعد عدنا وانطلقنا من جديد، فكان الفيلم من توزيعي حتى الشهر العاشر عام 2024، ثم تولت شركة “دوك هاوس” السعودية موضوع توزيعه، ونأمل أن يراه الجمهور قريباً في أوروبا، وأن نستطيع توزيعه إلى أكثر من منصة خارج منطقة الشرق الأوسط.

آخر الأخبار
غرفة صناعة دمشق وريفها تبحث مشاركة القطاع النسيجي في المعرض السعودي للأزياء والنسيج الشيباني: الحكومة ملتزمة بحماية جميع المكونات في السويداء  تخفيض الرسوم الجمركية وإنشاء مركز  تجاري سوري- تركي في ريف دمشق على الطاولة  لجنة لإعادة الأموال المصادرة وتعويض المتضررين في سوريا المركزي يلغي قيود نقل الأموال بين المحافظات باراك: سوريا ملتزمة بعملية موحدة تحترم وتحمي جميع مكوناتها خلال استقباله الشيباني .. ملك الأردن يجدد دعم بلاده لاستقرار و وحدة وسيادة سوريا من داخل مستشفى الرازي بحلب.. أجهزة جديدة تكتب فصولاً من الشفاء خدمات مجانية للعيادة السكرية المركزية بدرعا محافظ السويداء: سيتم تأمين كل مستلزمات المحافظة بالتنسيق مع الوزارات المعنية بيان سوري أردني أميركي مشترك: دعم إعادة بناء سوريا وتعزيز الاستقرار في السويداء نقل مجاني للأطفال في القنيطرة الحسينية.. معاناة خدمية متردية.. ورئيس البلدية للرد يطلب موافقة المكتب الإعلامي  بحث فرص الاستثمار في محافظة درعا الهيئة الوطنية للمفقودين تعقد لقاءً تشاورياً مع "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" لتعزيز مسار العدالة ا... اجتماع عمان: تشكيل مجموعة عمل مشتركة لدعم جهود الحكومة بإعادة الاستقرار للسويداء تشكيل مجموعة عمل سورية – أردنية – أمريكية لدعم جهود الحكومة في محافظة السويداء  فايننشال تايمز : خطة نتنياهو الكارثية تلحق المزيد من الموت والدمار في غزة موجات حر غير مسبوقة.. الجفاف يضرب أوروبا والبحر الأبيض المتوسط  الطاقة الشمسية.. حلّ إنقاذي يرافقه تحديات ومخاطر بيئية