النفس بين التقدير والإهمال.. علاقاتنا ليست للتواصل فقط

الثورة – حسين صقر:

يقال: إن العلاقات مع الآخرين وردود أفعالهم وتفاعلاتهم، عبارة عن مرآة صادقة تعكس صورنا، وتخبرنا كيف نرى أنفسنا أو نقدرها. الكثير منا يتساءل، لماذا نشعر أحياناً بالإحباط وعدم التقدير من الآخرين، ونعتقد حيناً أن الطرف الآخر هو السبب، كما نعتقد أننا نقدم ما بوسعنا لإرضائه. للحديث حول هذا الموضوع أكدت منال الشوربجي المرشدة في الاتزان الشعوري والمعالجة بالطب الشعوري التصنيفي، أن العلاقات ليست مجرد تواصل فقط بين شخصين، بل انعكاس على المجتمع بكامله، لأن المواقف تبدأ بين هذين الشخصين، فإذا نجحت يحصد نتائجها عدة أفراد، وربما مجتمع بأكمله، وإن أخفقت بالتأكيد، سوف تترك آثاراً قد تكون كارثية على المحيط، لذلك بالنتيجة تشكل تلك العلاقات مرآة ترينا مَن نحن داخلياً.

إيصال المطلوب بالسلوك

وقالت: كل علاقة نعيشها تكشف لنا مشاعرنا تجاه ذاتنا، وكيف نقدر أنفسنا أو نهملها، موضحة أنه لو دخلنا علاقة ونحن نجهل قيمتنا أو لم نعرف حقوقنا، سينعكس هذا النقص على طريقة تعاملنا مع الآخرين، وسيشعر الطرف الآخر بذلك دون أن نحتاج لقول كلمة، وضربت مثالاً، إذا كنت في علاقة صداقة مع شخص، وشعرت أنه يقلل من قدرك، أو لا يعطيك الاهتمام الكافي، قد يكون السبب ليس فقط في تصرفاته، بل في شعورك الداخلي بأنك لا تستحق أكثر.

وأوضحت الشوربجي أن الطاقة التي تبثها تجاه نفسك تترجم في سلوكك، فيشعر الآخر بعدم وجود احترام متبادل، فيبدأ هو بدوره بالتقليل منك أو الإهمال، حتى لو لم يقصد ذلك، وشرحت أكثر، أنه لنأخذ مثالاً العلاقة الزوجية، إذ تشعر الزوجة أن زوجها لا يقدّرها، فتبدأ هي بعدم التعبير عن مشاعرها أو احتياجاتها بسبب شعورها الداخلي بعدم الاستحقاق، فيصبح التواصل ضعيفاً، ويتولد بينهما فجوة يشعر كل منهما فيها بالتجاهل، وهنا لا يكون الزوج “الطرف الوحيد المسؤول”، بل العلاقة تعكس نقص التقدير الذاتي المتبادل.

الأسباب

ورداً على سؤال حول الأسباب التي تؤدي لهذه المرحلة، أشارت الشوربجي إلى أن كثيراً من الناس يدخلون علاقاتهم دون وضوح في الرؤية: ولا يسألون أنفسهم، لماذا يدخلون في هذه العلاقة أو تلك؟ أي أنهم لا يحددون الهدف من ورائها، وما هي حقوقه وواجباته! وأضافت: إن غياب هذا الفهم يجعل العلاقة هشة، وعندها يفتقد الطرفان التواصل الصادق، ويشعر كل منهما أنه غير مقدّر من الثاني. وقالت خبيرة التصنيف الشعوري: إن العلاقات ليست مجرد تفاعل بين شخصين، بل مرآة لذواتنا الداخلية، ومن خلالها نعرف كيف تكون قيمتنا، وما هي حقوقنا، وكيف نؤدي واجباتنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، ولهذا لابد من النظر داخل أنفسنا، والسؤال: هل أنا أقدّر ذاتي حقاً؟ هل أعرف ما أريد وأستحق في هذه العلاقة؟ هل أعبر عن احتياجاتي بوضوح وحب؟ حيث كل إجابة صادقة تفتح باباً لتحول حقيقي في هذه العلاقة أو تلك، إذ حين نغير نظرتنا لأنفسنا، تتغير طريقة تعامل الآخرين معنا.

حب الذات

ونوهت الشوربجي بأن العلاقة الصحية تبدأ بحبنا وتقديرنا لأنفسنا، وليس من باب الأنانية، بل لأننا أول من يستحق الاحترام والتقدير، فعندما يحترم الشخص نفسه، يحترم الآخرين، ومن هناك، تُبنى علاقاتنا على أساس متين من الفهم والاحترام المتبادل، مضيفة: تتعزز العلاقات من خلال تقدير الشخص لذاته، ومن خلال التعرف على قيمته وحدوده، قبل أن يطلب من الآخرين احترامه، أي عليه أن يحترم نفسه أولاً، وكما يقول المثل” دجاجة حفرت”، لذا يجب أن يكون في ذهن كل إنسان محددات، أي ما يقبله وما يرفضه في العلاقة، وضربت مثلاً، إذا شعرت أن أحدهم يقلل من قيمة كلامك أو مشاعرك، لا تتجاهل هذا الشعور، بل اعترف له بلطف بحدودك وحقوقك. ثانياً، أن يكون المرء صادقاً مع نفسه ومع الآخرين، حيث التواصل الصادق هو مفتاح العلاقات الصحية، ولهذا لابد من التعبير عن احتياجات الشخص ومشاعره بوضوح ومن دون خوف من الرفض، وعندما تخبر شريكك أو صديقك بما تشعر به، تعطيه فرصة لفهمك بشكل أعمق، وهذا يعزز العلاقة.

مراجعة العلاقة

ونصحت الخبيرة بمراجعة الشخص لذاته يومياً، وسؤال نفسه فيما إذا يعاملها بالحب والتقدير؟ وهل يتحدث معها بلطف؟ لهذا يجب أن يكون لطيفاً مع نفسه، لأن الكلمات التي تقولها لنفسك تؤثر بشكل مباشر على رؤية الآخرين لك، كما يجب تجنّب أن تأخذ دور الضحية، فعندما تواجه تحديات في العلاقة، لا تسرع بإلقاء اللوم على الآخر فقط، بل اسأل نفسك: ما الذي يمكنك تغييره في طريقة تعاملك أو فهمك، وهذا لا يعني تحمل سوء المعاملة، بل يعني النظر بوعي لجزئك في الديناميكية. وبالتالي لابد من تحديد أهداف واضحة لعلاقاتك، ولماذا دخلت هذه العلاقة؟ ماذا تريد منها؟ أي وجود رؤية واضحة تعينك على بناء علاقة صحية ومتوازنة، وتجنبك الدخول في علاقات قد تكرس شعورك بعدم التقدير.

العناية بالجسد والعقل

ونصحت الشوربجي أن يمارس الشخص العناية الذاتية بانتظام، بالجسد والعقل والروح وتعزيز احترام الإنسان لذاته، وأن يأخذ وقتاً لنفسه، ويمارس هوايات يحبها، وأن يهتم بصحته النفسية، ما ينعكس إيجابياً على علاقاته مع الآخرين. وضربت مثالاً آخر، إذا كنت تشعر أن أحد أصدقائك لا يعطيك الوقت الكافي، بدلاً من الانزعاج أو الانسحاب، تحدث معه بصراحة: كأن تقول “أشعر أحياناً أنني لا أحصل على اهتمامك الذي أحتاجه كصديق، فهل يمكننا أن نخصص وقتاً أكثر لبعضنا؟” هذه الخطوة البسيطة قد تغيّر العلاقة تماماً، وتجعلها أكثر عمقاً وتقديراً.

ولفتت إلى أن العلاقات هي رحلة اكتشاف، وليست مجرد وجهات نظر، كلما تعلمت أن تقدّر ذاتك، كلما أصبحت علاقاتك أكثر صفاءً وصدقاً، فأنت تستحق أن تُحَب وتُقدّر كما أنت، فابدأ اليوم بالاحتفاء بنفسك، وستجد العالم من حولك يعكس لك هذا الحب والتقدير.

آخر الأخبار
سوريا وتركيا توقعان اتفاقية تعاون دفاعي مشترك خلال مباحثاته مع وزير الطاقة في بغداد.. السوداني يؤكد دعم استقرار سوريا جهود متواصلة في درعا لتوفير مياه الشرب موسم البطاطا في درعا.. مواجهة انخفاض الأسعار وصعوبة التسويق بحث استثمار أملاك الخط الحديدي بدرعا رأس المال البشري السوري ثروة مهدورة تنتظر الإحياء تراث اللاذقية ثقافة متجذّرة يتوارثها الأجيال الشركات الصناعية المتعثرة والمدمرة بين الخصخصة والاستثمار المهرجانات السورية.. نبض الحياة وعنوان التعافي الاقتصادي والاجتماعي العقاب القاسي للأطفال بين التربية والضرر النفسي النفس بين التقدير والإهمال.. علاقاتنا ليست للتواصل فقط الخبز في حلب.. نضوج غائب وتخمير غير مناسب ورقابة لا تُعاقب "الزراعة " نائمة و"الغاب " على عتبة الخروج من معادلة الإنتاج فلاحون : لا مياه ولا دعم ولا تسويق هوية اقتصاد السوق الحر.. لم تكتمل بعد.. د. فادي عياش: تكتسب الشرعية من إقرارها ضمن الدستور المسابح وسيلة للهروب من موجة الحر.. وتكاليفها ترهق الكثيرين غرفة صناعة دمشق وريفها تبحث مشاركة القطاع النسيجي في المعرض السعودي للأزياء والنسيج الشيباني: الحكومة ملتزمة بحماية جميع المكونات في السويداء  تخفيض الرسوم الجمركية وإنشاء مركز  تجاري سوري- تركي في ريف دمشق على الطاولة  لجنة لإعادة الأموال المصادرة وتعويض المتضررين في سوريا المركزي يلغي قيود نقل الأموال بين المحافظات