الثورة – سناء عبد الرحمن:
رغم ما شهده قطاع البنية التحتية من تطور تكنولوجي كبير، لا يزال العامل البشري الأهم في إنجاح أي مشروع، لكن في سوريا، يبدو أن هذه الحلقة تعاني من نقص حاد في الخبرات، في ظلّ سنوات الحرب الطويلة التي دفعت الكفاءات للهجرة، وأوقفت معظم برامج التدريب والتأهيل.
هذا ما أكده الخبير الاقتصادي الدكتور شادي أحمد في حديثه لـ”الثورة”، مشيراً إلى أن مشاريع البنية التحتية تحتاج اليوم إلى عمالة ماهرة أكثر من أي وقت مضى، فيما الطلب على العمالة العادية يتراجع بشكل ملحوظ.
نقص الخبرات وغياب التأهيل
وأوضح د. أحمد أن الحرب تسببت في تراجع شديد برأس المال البشري، إذ غادرت معظم الكفاءات إلى الخارج، ومن بقي يواجه بيئة غير مؤاتية لتطوير قدراته، وخاصة مع توقف المعاهد وبرامج التدريب تقريباً، لافتاً إلى أننا اليوم نفتقر للعمالة المؤهلة تأهيلاً عالياً، وهذا يهدد قدرة البلاد على تنفيذ المشاريع الكبرى التي نخطط لها.
ويرى أن الحل يبدأ بإطلاق برنامج وطني شامل ومجاني، بإشراف وزارتي التنمية الإدارية والشؤون الاجتماعية والعمل، يستهدف الشباب السوري لتأهيلهم وفق المعاييرالحديثة في مختلف المجالات.
ليست بالأرقام فقط
لم يكتفِ د. أحمد بالحديث عن ضرورة إيجاد فرص عمل، بل شدد على أهمية أن تكون هذه الفرص ملائمة لتحقيق حياة كريمة، معتبراً أن متوسط الأجور الحالي في سوريا لا يحقق التنمية الاقتصادية للأفراد.
ولا يكفي أن نقول :إننا وفرنا فرصة عمل، المهم أن تكون هذه الفرصة قادرة على رفع مؤشرات الصحة والتعليم والأمن الغذائي.
ولفت د. أحمد إلى تمركز الاستثمارات في مناطق محددة، مثل دمشق وريفها، مع مشاريع معدودة في الساحل والمنطقة الوسطى، بينما تغيب المشاريع الكبيرة عن حلب، “عاصمة الاقتصاد”، وعن الساحل السوري المؤهل سياحياً، والمنطقة الشرقية الغنية بالنفط والقمح والقطن، وطالب بضرورة توزيع المشاريع على جميع الجغرافيا السورية لضمان تحقيق “التنمية الشاملة” بحق.
الاستثمار الأذكى
د. أحمد استشهد بتجارب دول مثل اليابان وسنغافورة ورواندا، التي رغم محدودية مواردها، حققت قفزات تنموية بفضل الاستثمار في العنصر البشري.
واقترح إنشاء وزارة خاصة بالعمل والموارد البشرية، وتحويل وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وزارة تنمية اجتماعية، مع وضع برنامج وطني، على ثلاث مراحل لإعادة تأهيل السوريين بالمهارات العصرية، وإحياء الحرف والصناعات التقليدية.
واختتم حديثه بدعوة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى عقد مؤتمر وطني تحت عنوان :”رأس المال البشري السوري.. كيف نعيد بناء الإنسان”، ليكون منصّة لإطلاق عملية إعادة الإعمار الحقيقية، التي تبدأ من الإنسان قبل الحجر.