الثورة – هناء ديب:
على عكس كل التوقعات الايجابية التي ارتفع منسوبها خلال الفترة الأخيرة.. تواصل بورصة سوق سعر الصرف ارتفاعها خاصة منذ نحو أسبوع، إذ تجاوز سعر تصريف الدولار أمام الليرة السورية 10650 ليرة في ظل صمت المعنيين بالشأن المالي والنقدي عن تقديم أي توضيحات للرأي العام عن أسباب عودة الفوضى لسوق الصرف والارتفاع الحاصل فيه، وما يلي كل ذلك من ارتفاع بأسعار المواد والسلع على اختلاف أنواعها وأهمها أسعار المحروقات.
دفع ارتفاع سعر الصرف المواطنين أولاً، والمهتمين بالشأن المالي والنقدي لرفع الصوت عالياً بضرورة تدخل الجهات المعنية لاعتراض موجة الارتفاع الجديدة والبحث جدياً في أسبابها قبل تفاقم الوضع وخروجه عن السيطرة، خاصة بعد جرعة التفاؤل الكبيرة التي رافقت الإعلان عن ضخ الاستثمارات السعودية في السوق السورية، وما تلا ذلك من تأكيد حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر حصرية من أن تلك الاستثمارات ستنعكس إيجاباً على استقرار سعر صرف الليرة، وتعزز سياسة التعويم المدار التي يتبناها المصرف واستقلال القرار المالي والنقدي في البلاد وتغني سورية عن الاستدانة الخارجية.
الواقع الحالي يشير بوضوح إلى أن خطة المصرف المركزي بتطبيق نظام التعويم المدار للعملة المحلية كخطوة مهمة تهدف للحد من تدخل الصرافين في سوق الصرف واجهت مجدداً قوة دور الصرافين في سوق الصرف ليعلنوا عن عودة فاعلة لدورهم وتدخلهم في رفع السعر بما يخدم مصالحهم ويحقق عائدات مالية كبير لهم تحرم القطاع المصرفي الرسمي منها.
لماذا يترك سوق الصرف لعبة بيد المضاربين؟
يبين الخبير الاقتصادي والمصرفي أنس الفيومي في تصريح “للثورة” في أسباب ارتفاع سعر الصرف بالسوق السوري بصراحة وشفافية أن مشكلتنا الأساسية هي افتقاد البيانات الدقيقة والمكاشفة الواضح والشفافة للوضع المالي بشكل عام، وفي ظل هذا الواقع عادة ما يأتي السؤال الموجه للمهتمين بالوضع الاقتصادي بعد الحدث, لعدم قدرتهم على التنبؤ بما يمكن أن يحدث لاحقاً، فلو كانت الحالة معكوسة أي حدث انخفاض في سعر الصرف، فيمكننا حينها أن نتحدث عن عودة المغتربين ووجود حركة في بعض الأسواق، وزيادة الرواتب، ووجود اتفاقيات استثمار، وشراكات وشركات متعددة، ومبالغ دعم، أما مع حدوث ارتفاع كما هو حالياً، فالحديث سيتجه نحو غياب الإنتاج المحلي وعدم دعم الصناعات الوطنية والاستيراد المفتوح ونقص السيولة وخيارات سحب الودائع من المصارف وغيرها من المبررات.
وعليه كما يوضح الفيومي، فإن دور المهتمين بالشأن الاقتصادي يجب أن يكون فاعلاً ومؤثراً قبل حدوث تغيير نقدي وفق معطيات ومؤشرات واضحة وليس بعد الحدث، لأن السؤال المبهم حتى الآن من يتحكم بسعر الصرف والعرض والطلب فيه؟، وكيف لمكتب صرافة أو صراف متجول لديه سيولة نقدية قد تفوق سيولة مصرف ويمكنه التحكم بالسعر ولو جزئياً؟ أسئلة تحتاج للإجابة من أصحاب القرار المالي والنقدي.
عوامل تؤثر على الأسعار
وللوصول لاستقرار نقدي ومالي في المرحلة المقبلة، دعا الفيومي لضرورة ضبط المستوردات وخاصة التي تحتاج لكتل نقدية كبيرة كالسيارات والبدء بإصلاحات مصرفية تدريجية وتحرير السيولة ضمن ضوابط أكثر تلبية لحاجات المودعين ودعم الإنتاج المحلي ومستلزماته ورؤية واقعية لبدء العمل بالاتفاقيات التي تم توقيعها مؤخراً.
ولأن واقع أسعار السلع على اختلاف أنواعها الغذائية والاستهلاكية والمحروقات، وجانب كبير من الخدمات يوضع على وقع سعر الصرف، فإن عوامل عديدة تتحكم وتلعب دوراً في سوق السلع- حسب رأي المختصين بالشأن الاقتصادي، منها غياب اقتصاد حقيقي يقوم على أسس اقتصادية متينة وتقلب أسعار الصرف وهي تنتج بمعظمها عن المضاربات في السوق الموازية تلقي بوقعها على أسعار السلع والخدمات، إذ تسعر معظم المواد وفق هذه المتغيرات غير المستقرة إضافة لغياب الإنتاج المحلي واستيراد السلع مما يجعلها أكثر عرضة لتأثيرات التقلبات الخارجية، ولاسيما في ظل غياب ثبات حقيقي في سعر الصرف.
من هنا تبرز أهمية سد الطلب على الدولار الناجم عن الاستيراد من خلال زيادة الصادرات وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية كي نتجنب المزيد من تراجع قيمة العملة المحلية.