الثورة- منهل إبراهيم:
لعبت الولايات المتحدة الأميركية في الحرب على قطاع غزة، وما تلاها من حروب متعددة دور الوسيط والراعي للمفاوضات التي تهدف إلى وقف هذه الحروب، بل إنها طرحت نفسها في أكثر من اتفاق كضامن لتطبيق الاتفاقيات وشريك في الرقابة على الالتزام بتطبيقها في بعض الأحيان، وقد تزامن ذلك مع تأكيد دورها كحليف للاحتلال الإسرائيلي وراعٍ وداعم له في كل الظروف والأحوال.
وفي قضايا المنطقة وخاصةً الحرب القديمة المتجددة على غزة.
تختلف كثيراً قراءة الدبلوماسيين الأميركيين للأحداث ومجرياتها عندما يكونون خارج نطاق عملهم ومهامهم، وخاصةً وزراء الخارجية، فتبدو مقاربتهم للحدث أكثر موضوعية وواقعية إلى حد ما.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، مقالاً بقلم وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن، حول الحرب على غزة، والذي يرى أن قرار فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا بالاعتراف بدولة فلسطينية، يعد قراراً صحيحاً من الناحية الأخلاقية ويعكس إجماعاً دولياً واسعاً.
ومع ذلك، يقول بلينكن: “إنه في ظل استمرار أزمة غزة، والمعاناة الكبيرة للمدنيين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين، بالإضافة إلى خطة “إسرائيل” المعلنة لاحتلال القطاع، فإن التركيز على الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعيد عن الواقع الأكثر ضرورة، إذ إن إنهاء الصراع في غزة يجب أن يكون أولوية”.
ويشير بلينكن إلى أن “الاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة، قد يسهم في تسهيل انسحاب “إسرائيل” من غزة، وتسريع عملية تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والسعودية، الأمر الذي يرغب فيه العديد من الإسرائيليين”، على حد تعبيره.
ويرى بلينكن أن أي اعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يكون مشروطاً، إذ إن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، مرتبط بعدة التزامات، “فإسرائيل” لن تقبل بدولة فلسطينية “يحكمها مرتبطون بإيران، ومحرضون ضدّ إسرائيل”.
أما من جانب “إسرائيل”، فيقول بلينكن إنه يجب على “إسرائيل” معالجة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل عاجل، وأيضاً وقف توسيع المستوطنات، ومحاسبة المتطرفين، واحترام الأماكن المقدسة، ودعم إصلاح السلطة الفلسطينية بدلاً من تقويضها للحفاظ على شريك تفاوضي.
ويختتم بلينكن بأن الاعتراف المشروط والمحدد زمنياً بدولة فلسطين لن يكون مكافأة لحماس كما يزعم بعض الإسرائيليين، بل سيكون “أشدّ توبيخاً لأعمالها”، وسيمهد الطريق “لإسرائيل” والفلسطينيين نحو تعايش سلمي دائم وآمن على حد قوله.
وتولى أنتوني بلينكن منصب وزير الخارجية الأميركي في إدارة الرئيس جو بايدن من 2021 حتى 2025، ويعد من أشدّ المدافعين عن تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة من جهة وحلفائها في العالم من جهة أخرى وعلى رأسهم “إسرائيل” وأوروبا.
وفي آواخر عام 2023 قام بلينكن بـ “جولة أزمة” ماراثونية لبحث تطورات الحرب بين إسرائيل وحماس، في قطاع غزة، وشملت جولته الأراضي المحتلة، وبعض العواصم العربية قبل الانتقال إلى تركيا.
