الثورة – سمر رقية:
على بعد خمسة عشر كيلومتراً باتجاه الشمال الشرقي لمدينة طرطوس، وعلى ارتفاع أكثر من 300 متر فوق سطح البحر، تقع بلدة السَودا، إحدى أجمل وأقدم القرى التابعة لريف المحافظة.
صحيفة الثورة، زارت البلدة والتقت مختارها سعد الله أيوب حجار، الذي حدثنا عن تاريخ السودا وجمالها بقوله: السودا أقدم ناحية في طرطوس، وتتميز بحجارتها السوداء، وبنيت على كتلة جبلية بركانية، وهو ما كان سبباً في تميزها عن غيرها من القرى، وتمتاز بطبيعتها الساحرة وكنيستها القديمة “نياح السيدة” والتي يفوق عمرها عن 150 عاماً، ومبانيها المزدانة بالأحجار البازلتية السوداء، وما يلفت نظر الزائر، شارعها الرئيسي المرصوف بالحجر البازلتي الأسود.
ولفت حجار إلى أن السودا شاهدة على حضارة طرطوس، تتمتع بموقع جغرافي مهم يصل بين الساحل والداخل السوري، يعود تاريخها نحو ثلاثمئة وسبعين سنة، بنيت على أنقاض قرية قديمة جداً، وفد أهلها من مناطق متعددة وخاصة من لبنان، وسكان قرية السودا يعتمدون على الزراعة، ونظراً لقلة مياهها كونها تتربع على هضبة بركانية فهي تشتهر بالزراعات البعلية، وخاصة الأشجار المثمرة مثل التين والزيتون، إضافة إلى زراعات شتوية مثل القمح والشعير والبازلاء وغيرها.
جمال وعلم
وبين حجار أن “السودا” اسم سُميت به هذه القرية، نسبة إلى الأحجار البازلتية السوداء التي تشتهر بها، والتي بنيت أغلب مبانيها منها، قبل ظهور الإسمنت والحديد، وكان بها أكثر من 400 حجّار يعملون في تقطيع الحجارة وزخرفتها، ومن حجارتها تم بناء شارع الشانزليزيه في العاصمة الفرنسية باريس، حيث كانت تُنقل الحجارة إبان الاستعمار الفرنسي لسوريا من السودا عبر البحر إلى بيروت ثم إلى فرنسا.
وعن الحديث عن المعالم الأثرية للقرية أوضح حجار، عند ذكر الآثار لا بد من الحديث عن سوق السَودا القديم المرصوف بالحجارة السوداء، والذي ما زال حتى الآن محافظاً على طابعه التراثي القديم، في أغلب محاله وواجهاته الخشبية الكبيرة، إضافة إلى استمراراه في تأمين أغلب حاجيات المواطنين من أبناء القرية وسكان المناطق المجاورة والقرى المحيطة.
وتشتهر القرية بامتلاكها لتراث تعليمي قديم، وخير شاهد على ذلك وجود أقدم مدرسة في طرطوس (مدرسة الكلية)، كانت مدرسة إعدادية منذ عام 1930م، وتملك نسبة تعليم مرتفعة منذ سبعينيات القرن الماضي، ودراسات عليا من طب وصيدلة وغيره، وشهدت وجود دور للسينما منذ ما يزيد عن 150 عاماً.
عادات متأصلة
لا تزال القرية تتمتع بعادات وتقاليد ريفية أصيلة، كجمعية خيرية لسيدات المحبة التي تساعد كل محتاج وكل مريض، وتقوم الجمعية بإعداد دورات صناعة الكروشية وصناعة الورد وصناعة المواد الغذائية.
ويختم حجار حديثه: بعد كل ما تمتلكه السودا من جمال وبنية تحتية ووجود مقاهٍ شعبية، يأمل أبناؤها أن توضع قريتهم على الخارطة السياحية، وأن تصبح مقصداً للسياح، فهي تملك موقعاً جغرافياً متميزاً يؤهلها لأن تصبح منتجعاً سياحياً رائعاً.