الثورة :
أصدرت السلطات القضائية الفرنسية سبع مذكرات توقيف دولية بحق مسؤولين بارزين في النظام السوري البائد، على رأسهم بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، إضافة إلى اللواء علي مملوك، والعماد علي أيوب، واللواء رفيق شحادة، في خطوة وُصفت بأنها من أبرز محطات المساءلة الدولية ضد جرائم الحرب في سوريا.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن هذه القرارات القضائية جاءت على خلفية التحقيقات في قصف المركز الإعلامي بحي بابا عمرو في مدينة حمص عام 2012، والذي أودى بحياة الصحفية الأميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي أوشليك.
وأظهرت التحقيقات أن الهجوم لم يكن عشوائياً بل تم وفق خطة ممنهجة لاستهداف الصحفيين الأجانب، أُقرت خلال اجتماع ضم قيادات أمنية وعسكرية بارزة في حمص، وترى الوكالة أن هذه المذكرات تمثل تحولاً مفصلياً في مسار المحاسبة القانونية، إذ إنها المرة الأولى التي يُستهدف فيها رأس النظام السوري المخلوع مباشرة في قضية جنائية دولية، بما يعزز فرص ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين والمدنيين.
وكانت قُتلت ماري كولفين في 22 شباط 2012 أثناء تغطيتها حصار حمص إلى جانب زميلها الفرنسي ريمي أوشليك. وكانت قد ظهرت قبل اغتيالها بساعات عبر بث مباشر لعدد من القنوات العالمية، تحدثت فيه عن معاناة المدنيين تحت القصف المكثف وهجمات القناصة، ووصفت المشهد بأنه “أبشع ما رأته في حياتها الصحفية”.
وبعد يوم واحد فقط، استُهدف المبنى الذي كانت تتحصن فيه بقصف مدفعي كثيف أدى إلى مقتلها مع زميلها، بينما نجا المصور بول كونروي ليؤكد أن العملية كانت متعمدة. وبعد سنوات من الحادثة، رفعت شقيقة كولفين دعوى قضائية ضد نظام الأسد عام 2016، ليصدر القضاء الفيدرالي الأميركي في 2019 حكماً تاريخياً يقضي بإلزام النظام بدفع 302 مليون دولار كتعويضات لعائلتها، مؤكداً أن القرار بقصف المركز الإعلامي اتخذ بشكل متعمد، وأن ضباطاً كباراً احتفلوا بالعملية بعد تنفيذها.
تبعث مذكرات التوقيف الفرنسية برسالة قوية مفادها أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، وأن الإفلات من العقاب لم يعد خياراً متاحاً أمام من ارتكبوا الفظائع في سوريا، وهو ما قد يفتح الباب أمام خطوات قضائية أوروبية أوسع في المستقبل لمحاسبة رموز النظام المخلوع.