الثورة – لينا شلهوب:
في أجواء مفعمة بالحيوية والتنوع الثقافي، يتألق الجناح الإندونيسي في معرض دمشق الدولي هذا العام ليكون محطة مميزة للزوار والمهتمين بالتعرف على تراث شعوب العالم. إندونيسيا، أكبر أرخبيل في العالم، تحمل في موروثها آلاف الجزر والتقاليد والعادات التي تشكل فسيفساء حضارية فريدة، ومن خلال مشاركتها في هذا الحدث الدولي، تقدم للزائر السوري والعربي لمحة شاملة عن فنونها وثقافتها التي تشهد على تاريخ عريق وروابط إنسانية ممتدة.عند دخول الجناح الإندونيسي، يلفت النظر تنوّع المعروضات التي تجمع بين الحرف اليدوية التقليدية والأزياء الشعبية والآلات الموسيقية، أحد القائمين على التنظيم في الجناح أشار إلى أنه يتم عرض الأقمشة الشهيرة مثل “الباتيك” و”الإيكات”، وهما من أبرز رموز الهوية الثقافية الإندونيسية المسجلة على قائمة التراث غير المادي لليونسكو، كما تبرز هذه الأقمشة من خلال ألوانها الزاهية ونقوشها التي تحاكي الطبيعة والرموز التاريخية.
وأضاف: يحتل الفن التشكيلي والزخرفي مكانة خاصة في المعرض، حيث تظهر مجسمات خشبية ومنحوتات دقيقة الصنع تعكس براعة الحرفيين الإندونيسيين في استخدام المواد الطبيعية، ولا تخلو الأجواء من الموسيقى، إذ يمكن للزائر الاستماع إلى ألحان “الغاملان”، وهي فرقة موسيقية تقليدية تعتمد على آلات الإيقاع والنفخ، مما يضفي طابعاً حيوياً ومباشراً على التجربة.ولا تقتصر المشاركة على استعراض الموروث الفني، بل تحمل في طياتها رسالة حضارية، فإندونيسيا تسعى إلى إبراز قيمها المتمثلة في التعايش والتعددية، إذ تضم أكثر من 300 مجموعة عرقية و700 لغة محلية، ومع ذلك تشكل دولة واحدة تحت شعارها الوطني “الوحدة في التنوع”، هذه القيمة الإنسانية تجد صداها في معرض دمشق الدولي، حيث يجتمع العالم في مكان واحد لإبراز غنى الشعوب وتبادل الخبرات.
الروابط التاريخية
من النقاط البارزة في الجناح الإندونيسي الإشارة إلى الروابط التاريخية بين إندونيسيا والعالم العربي، فالعلاقات تعود إلى قرون بعيدة عبر طرق التجارة البحرية التي ربطت جزر الأرخبيل الإندونيسي بالموانئ العربية، وكان للتجار العرب دور مهم في نشر الإسلام والثقافة العربية في جنوب شرق آسيا، ولاتزال اللغة العربية تشكل جزءاً من التعليم الديني في إندونيسيا حتى اليوم، هذه الجذور التاريخية تمنح المشاركة في معرض دمشق الدولي بعداً عاطفياً وحميمياً يعكس عمق التواصل الحضاري بين الشعبين.
بعد اقتصادي وسياحي
إلى جانب الجانب الثقافي، يسعى الجناح الإندونيسي إلى الترويج لفرص التعاون الاقتصادي والسياحي، فالمعرض يتيح فرصة للتعريف بمنتجات إندونيسيا المتنوعة، بدءاً من الصناعات التقليدية ووصولاً إلى السلع الحديثة، إضافة إلى إبراز إمكانات البلاد السياحية باعتبارها واحدة من أكثر الوجهات زيارة في العالم، حيث تجذب ملايين السياح سنوياً بجمال شواطئها وطبيعتها الاستوائية.
انطباعات الزائرين
الزائر السوري يخرج من الجناح الإندونيسي بانطباع مميز، صحيفة الثورة التقت مجموعة من الشباب السوري القادمين من مدينة جرمانا ومنهم أمير حلاوة، وقصي عليوي، ويزن أبو عواد أكدوا أن الزائر للجناح الإندونيسي، يشعر وكأنه قام برحلة سريعة، من دون أن يغادر أرض المعرض، والجناح يتميز بالألوان، الروائح، الأصوات، والحرف اليدوية التي تجتمع لتخلق تجربة حسية متكاملة، كما أن العديد من الزوار يعبرون عن إعجابهم بثراء التراث الإندونيسي وبالتناغم بين الأصالة والحداثة في طريقة العرض.
رسالة صداقة
إن مشاركة إندونيسيا في معرض دمشق الدولي لا تعكس فقط اهتمامها بإبراز ثقافتها وفنونها، بل تحمل رسالة صداقة وتواصل بين الشعوب، فهي تذكير بأن الثقافة والفن يمكن أن يكونا جسراً للحوار والتقارب الإنساني، وأن المعارض الدولية ليست مجرد منصات تجارية، بل فضاءات للتلاقي والتعارف، ومن خلال جناحها، تقدم إندونيسيا للزوار السوريين والعرب فرصة فريدة لاكتشاف عالم متنوع الجذور، غني التقاليد، ومفتوح على المستقبل.