الثورة – رانيا حكمت صقر:
في قلب معرض دمشق الدولي، يُضيء الفن التشكيلي نافذة تحكي قصص سوريا بصدق وحرية، تدعو المتلقين للنظر بعمق إلى حياة الوطن وتاريخه المعاصر.
الفنان التشكيلي وسيم كل، أحد خريجي معهد أدهم إسماعيل، وعضو مركز وليد عزت للفنون، برز في هذه التظاهرة الثقافية برؤية فنية صادقة تلامس وجدان السوريين وترسم نداءات السلام والذاكرة الوطنية عبر أعماله التي تحمل رسائل قوية في فضاء الحرية الإبداعية.
وفي حديثه لصحيفة الثورة، بين أن مشاركته في جناح وزارة الثقافة بمعرض دمشق الدولي، كان دعوة للفنانين وفق معايير الكفاءة وليس المحسوبيات، وهو ما يراه خطوة مهمة بعد سنوات من التحديات التي فرضت على البيئة الفنية في البلاد خلال النظام البائد.
وقال الفنان كل: “لقد تمّت دعوتنا كفنانين قبل أي شيء آخر، ونحن هنا لنرسم تعبيراً حراً ومباشراً عن مشاعرنا وأفكارنا دون أي إملاءات”.
وتوقف عند لوحة الشهيد الطفل حمزة الخطيب، التي قدمها في اليوم الأول من مشاركته في المعرض، مؤكداً أن اللوحة تحيي ذاكرة الطفل السوري الذي أصبح رمزاً لسوريا في زمن الثورة والحرب والحصار.
وأضاف: “هذا الطفل يمثل كل أطفال سوريا الذين حاربوا رغم صغر سنهم، وهي رسالة أوصلها لكلّ من يرى هذا العمل، كباراً وصغاراً على حد سواء.” لأن الشباب الجديد قد لا يعرف قصة حمزة الخطيب، فتأتي اللوحة كجسر تعليمي وتذكيري للحفاظ على هذا الإرث الإنساني.
ولم تقتصر مشاركة الفنان وسيم كل على جناح وزارة الثقافة فقط، بل شارك أيضاً في جناح منظمة سلام بلوحة تحت عنوان “أيقونة السلام”، تظهر فيها صورة طفل ملائكي يحمل شعار السلام، ما جعل الفن وسيلة إلهام وأمل وسط واقع مضطرب.
كما قدم الفنان كل لوحة لفنانة سورية مؤثرة، أصالة نصري، التي استحقت تفاعل الجمهور الكبير وتجاوبه مع العمل الفني الذي يعكس جزءاً من الهوية الثقافية السورية الحديثة.
وأكد أن معرض دمشق الدولي كان منصة ناجحة ومهمة للغاية لعرض التجارب الفنية، وقال: “الجناح الذي شاركنا فيه كان مميزاً، وكانت لي فرصة للتعبير بحرية تامة عن أفكاري التي نرسمها من أعماقنا، من دون قيود أو ضغوط.”
تأتي مشاركة الفنان وسيم كل ومجموعة من الفنانين التشكيليين في معرض دمشق الدولي بمثابة رسالة واضحة عن قوة الفن في سوريا، الذي لا يقتصر على كونه وسيلة إبداعية فحسب، بل هو جسر للمحبة والسلام، وأداة للحفاظ على الذاكرة الوطنية ووسيلة لتوعية الأجيال القادمة بقيمهم وتاريخهم.