الثورةر-فاه الدروبي:
يُعتبر عمود الاتصالات في المرجة بدمشق تحفة فنية، صمَّمه الفنان والنحات الإيطالي ريموندو توماسو دارونكو، وكان رئيس المعماريين في الباب العالي باسطنبول خلال فترة حكم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، حيث أشرف الفنان على تنفيذه، ودوَّن اسمه على النصب المعروف بعمود المرجة.
ويذكر الباحث عماد الأرمشي في حديثه لصحيفة الثورة أنَّ النصب التذكاري بُني عام ١٩٠٧ في حديقة كانت لسجن رسمي، لكن أزيل وحلَّ مكانه العمود، وأُحيطت جدرانه بنوافذ دائرية ضمن غرفة لتأمين الإنارة والتهوية وزُوِّد بمستودعات للذخيرة، وكان آنذاك في الفترة ذاتها والي دمشق حسين ناظم باشا.
وأشار الباحث “الأرمشي” إلى أنَّ السبب الرئيسي من بناء العمود ليكون تذكاراً لتدشين الاتصالات بين دمشق والمدينة المنورة والبلاد الإسلامية في أواخر العهد العثماني.. أمَّا السبب الآخر فيعود إلى إنشاء الخط الحديدي الحجازي، إذ كانت محطة الحجاز تنطلق منها الرحلات بالقطار من دمشق كونها أخذت في الفترة العثمانية شأناً عظيماً جداً ولُقِّبت بشام شريف، وكانت ذات أهمية اقتصادية ودينية بالوقت نفسه، ومركزاً يتجمع فيه الناس أثناء فترة الحج من كلِّ الأقطار والبلاد لتكون محطةً قبل الانطلاق إلى الديار المقدَّسة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت تنشط فيها حركة التجارة بشكل كبير كونها أقدم عاصمة مأهولة في العالم.
كما أوضح الباحث “الأرمشي” أن عمود الاتصالات في ساحة المرجة يتألف من قاعدة مربعة الشكل، حجرية، بازلتية، صمَّاء، يرتفع ثلاثة أمتار عن سطح الأرض، ويتوِّج القاعدة أربع لوحات رخامية مكتوبة بالخط النسخي العثماني على جهات القاعدة الأربعة الحاملة للنصب، يعلوها نصف قبة وبها الهلال والنجمة شعار السلطنة العثمانية.
ويتمركز في وسطها عمود من البرونز الخالص تلتفُّ حوله أسلاك ترمز للاتصال البرقي بين دمشق والمدينة المنورة، ودعماً لمدِّ الخط الحديد الحجازي، كما أنَّه متوَّج بقاعدة مربعة حاملة لجامع السراي يلدز في اسطنبول بتركيا، ويُعتبر أصغر مجسَّم لجامع في العالم.