الثورة – إيمان زرزور
في بلدة كفرنبودة التي ما زالت تحمل آثار الحرب وبيوتها المدمّرة، اجتمع الأهالي والوجهاء على وقع ذكرى شاعرهم الراحل نادر شاليش، المعروف بـ”شاعر المخيمات”، في مشهد يجسد الوفاء للثقافة والإبداع حتى وسط الدمار.
شهدت الفعالية حضور وزير الثقافة محمد الصالح ومحافظ حماة عبد الرحمن السهيان، اللذين أكدا في كلماتهما أنّ الشعراء والمثقفين شركاء في صياغة الوعي الوطني وحفظ تضحيات الشعب في ذاكرته الجمعية، وجاءت المشاركة الرسمية لتؤكد أن الثقافة تبقى ركيزة أساسية في إعادة بناء المجتمع بعد الحرب.
وقف أبناء وأحفاد الشاعر قرب منزله المدمر حيث تم تكريمهم في لفتة إنسانية حملت رسالة عميقة بأن الإبداع لا يموت، وأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين مهما تعاقبت الظروف، ليكون التكريم بمثابة اعتراف بفضل شاليش على الوجدان السوري.
ترك نادر شاليش بصمة لا تُمحى في وجدان السوريين، إذ هزّت قصائده مشاعرهم، ولاسيما أولئك الذين كابدوا النزوح في المخيمات، قبل أن يتوفى في أحد مشافي تركيا بعيداً عن مدينته التي هجّره منها نظام الأسد وميليشياته، ومن أبرز قصائده التي تحوّلت إلى أيقونة للتهجير “أرسلت روحي إلى داري تطوف بها”، والتي أبكت الملايين بكلماتها الصادقة عن مأساة كل مهجّر من بيته وأرضه.
وُلد نادر بن ياسين شاليش عام 1940 في كفرنبودة، درس في الكتّاب وحصل على الشهادات الابتدائية والمتوسطة، وتطوع في الجيش زمن الوحدة بين سوريا ومصر، ثم استقال ليتابع دراسته الجامعية في كلية الشريعة بجامعة دمشق حيث نال إجازته عام 1968.
شاليش عاش تجربة النزوح بكل تفاصيلها، وأمضى سنوات في مخيمات أطمة قبل انتقاله إلى أنطاكيا في تركيا.
أصدر ديواناً بعنوان “الأطميات” نسبةً لمخيمات النازحين، ومن قصائده البارزة “نداء الدار في السحر”، “إلى بشار التائه”، “مأساة الخالدية”، “صرخة وطن”، و”الرد على حسن نصر الله”.
لكن قصيدته “أرسلت روحي” ستبقى أبرز أعماله وأكثرها تأثيراً في الوجدان السوري.
إحياء ذكرى نادر شاليش في قلب مدينته المدمرة يشكل رسالة أمل بأن الثقافة ستظل قوة حياة تتجاوز الركام، وأن صوت الشعر قادر على أن يكون جسراً بين الألم والأمل، تماماً كما كانت قصائده دوماً نبضاً للثائرين وأبناء المخيمات.