أفلام الثورة.. مقل ترنو وقلوب تصرخ

الثورة – حسين روماني:

شهدت قاعة الدراما في دار الأوبرا بدمشق انطلاق العروض السينمائية لأفلام الثورة السورية، التظاهرة التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما تحت رعاية وزارة الثقافة، التي حملت في يومها الأول مزيجاً من التوثيق والدراما والتجريب، خمسة أفلام قصيرة ومتوسطة الطول شاهدها الجمهور خلال الفترة الأولى من العرض، وشكّلت فسيفساء بصرية عن ذاكرة السوريين منذ عام 2011، تنقلت بين المعتقلات والمنافي والشوارع المدمّرة، لتعيد فتح جروحٍ لم تلتئم، وتمنح في الوقت ذاته بارقة أمل أن الثورة لم تُمحَ من الوجدان، بل خرجت من حناجر الغضب وآلام المقل.

فسيفساء من الأفلام

جاءت العروض متنوعة لتغطي أبعاداً مختلفة من التجربة السورية، فيلم “الشفق” للأخوين ملص وضع المشاهد في غرفة استجواب بدمشق عام 2011، حيث مواجهة صامتة بين ضابط أمن ومعتقل تحولت إلى لعبة تبادل أدوار نفسية تخلط بين الضحية والجلاد.

أما فيلم “ومضة” لعمرو علي، فقد التقط مشاهد من شوارع دمشق عام 2014 عبر فكرة الفلاش موب، حين اجتمع شباب لتقديم عروض موسيقية وأدائية في قلب العاصمة، متحدّين الخوف والرقابة ومُدخلين الفن إلى مسرح الخطر اليومي.

ومن حرستا جاء فيلم “أرواح لم ترحل” ليعيد رسم المدينة بين الرماد والأمل، عبر خمس شخصيات متنوعة تروي خسائرها وتجاربها، وتترك رموزاً لونية على الأشجار والكراسي كأثر للأرواح البريئة.

فيما حمل فيلم “باتجاه القبلة” بطولة جهاد عبدو مأساة اللجوء، حين وجد لاجئ سوري نفسه عاجزاً عن دفن زوجته وفق معتقداته في منفى سويسرا، فصار القبر ذاته رمزاً للكرامة المفقودة.

أما الداخل مفقود والخارج مولود لوليد المدني فقد فتح جرح الاعتقال السياسي، متتبعاً حكاية وائل القادم من المعضمية، الذي لم يكن سوى ابن مدينة ثارت على الظلم، فصار الاعتقال قدره والولادة الجديدة خارج السجن مصحوبة بذاكرة لا تمحى.

أرواح لم ترحل

صانع فيلم أرواح لم ترحل غيث إياد علوش، طالب السنة الثانية في كلية الفنون الجميلة، كان متواجداً أثناء عرض فيلمه وشرح لـ”الثورة” بداية الفكرة قائلاً: “كنت طفلاً أرى البيوت في حرستا تُقصف، وأتساءل: ما ذنب هؤلاء الناس؟ حين كبرت عرفت أن ذلك من صناعة النظام البائد، لذلك بدأت الفكرة بوضع خمسة أشخاص من المجتمع أمام الكاميرا، كل واحد يروي جزءاً من حياته، الطفل الذي فقد رفاقه، المعلمة التي فقدت تلاميذها، كبار السن الذين خسروا أبناءهم، أيضاً معاناة الشباب والشابات، أردت أن تكون الأصوات متنوعة مثل المدينة.

الرمزية كانت متواجدة عبر دقائق الفيلم، وعنها قال: “الربطات على أيدي الشخصيات أردتُها غير مألوفة، مليئة بالمعاني، على قضبان سجن صيدنايا علّقنا شرائط بيضاء ترمز للأرواح الطاهرة التي استشهدت تحت التعذيب، كل شخصية حملت شريطة بلون مختلف.. الأحمر للشاب، الزهري للصبية، الأبيض للمعلمة، الأخضر للطفل. وعندما وصلنا إلى حديقة الشهداء في حرستا، كانت الربطات على الكراسي والأشجار دلالة على أن الأرواح لم تغادر، بل بقيت بيننا”. وتابع: “حوارات الشخصيات مليئة بالأمل والحنين، كما قال الرجل الكبير: نحن لم ننسكم، نتمنى ألا تنسونا.. هذا هو جوهر الفيلم”.

أصوات من القاعة

الجمهور الذي ملأ القاعة كان شريكاً في استعادة الذاكرة، تقول غالية هندية، طالبة الأدب الفرنسي: جئت اليوم لأرى كيف انتصرنا، وكيف كانت الرؤية منذ 14 عاماً، الأفلام كانت قوية جداً، “الشفق” لمسني بقصة مظاهرة جامع الحسن في منطقة الميدان، “الداخل مفقود والخارج مولود” جعلني أعيش تجربة المعتقل وائل الذي نجا رغم أن القليلين فقط خرجوا، “أرواح لم ترحل” أعطانا أملاً بأن حرستا مازالت حية، أما “ومضة” فكان إنجازاً أن يتحدث الشباب عن الكيماوي وهم في قلب البلد، فيما “باتجاه القبلة” كان فيلماً عميقاً لكن غياب الترجمة للعربية أبعده عن بعض الجمهور.

أما سماح محمد فؤاد، فرأت أن كل فيلم له خصوصيته ومشاعره، أحببت كثيراً الشخصيتين في “الشفق”، كانتا قريبتين من القلب.اليوم الأول من العروض لم يكن مجرد مناسبة ثقافية، بل أشبه بفتح دفتر الذاكرة الجماعية، الأفلام تنوّعت بين السرد الشخصي والتجريب الفني، لكنها التقت جميعاً عند سؤال واحد: كيف نُبقي الثورة حيّة في الوجدان؟

ما بين دموع الجمهور وتصفيقهم، بدا واضحاً أن السينما قادرة على مقاومة النسيان، وأن الثورة السورية لم تعد حدثاً سياسياً فحسب، بل ذاكرة إنسانية مستمرة، تتجسد في صورة، أو ربطة ملونة، أو قبرٍ يتجه نحو القبلة، أو شهادة معتقل خرج من رحم العتمة مولوداً جديداً.

آخر الأخبار
إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30) مبادرة "لعيونك يا حلب" تعيد تجهيز المقاعد المدرسية  الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الخارجية الإيطالي على هامش(COP30)  العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30 صيانة شوارع السوق التجاري في مدينة درعا مضر الأسعد: "إسرائيل" تطمع في الأراضي السورية وانتهاكاتها ضغط سياسي ظاهرة التشرد في حلب تحت المجهر قفزة غير مسبوقة.. اتفاقيات بالجملة لـ"الطاقة" باستطاعة 5000 ميغاوات مجلس مدينة حلب و"المالية" يقرران تحديد ضريبة عادلة لمولدات "الأمبيرات" الرئيس البرازيلي يستقبل الشرع في قاعة انعقاد قمة المناخ “COP30 من البرازيل.. الشرع يقود سوريا من "التغريبة" إلى "الشراكة الخضراء"  سوريا على أعتاب نموذج تنموي جديد.. ما علاقة الإنسان والبنيان؟ الرئيس الشرع إلى البرازيل: زيارة تاريخية تفتح آفاق الدبلوماسية السورية الجديدة دعوة لصلاة الاستسقاء يوم الجمعة 14 الجاري