الإعمار الاقتصادي.. الأمل كبير والاختبار على الأرض

الثورة – ميساء العلي :

بدأت ملامح مرحلة جديدة من إعادة الإعمار الاقتصادي بالظهور، كان أبرزها إعلان عدد من المصارف العربية والأجنبية نيتها الدخول إلى السوق السورية، أو إعادة افتتاح فروعها التي توقفت خلال سنوات الحرب.
ويأتي ذلك مع التصريحات الأخيرة لحاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر حصرية، ومفادها.. إن النظام المصرفي سيشهد خلال السنوات الخمس القادمة نمواً كبيراً متوقعاً أن يضم ما بين ٣٠ إلى٣٥ مصرفاً محلياً وعربياً ودولياً مع سياسة نقدية فعالة.

عدد قليل

في هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي: إن دخول 30 إلى 35 مصرفاً في سوريا خلال الخمس سنوات المقبلة، ليس بالعدد الكبير، كون الاقتصاد السوري حٌرم لسنوات طويلة من السياسات التمويلية المصرفية الفاعلة التي تستهدف دعم النشاطات الاقتصادية الإنتاجية، إذ انحصر دور المصارف في تمويل العقارات والسيارات وبعض المشروعات الصناعية، وذلك ضمن شروط تمويلية غير محفزة، إذ لم تقل معدلات الفائدة عن 8 بالمئة، وهي نسبة مرتفعة نسبياً لا تتناسب مع طبيعة الاقتصاد السوري ولا مع احتياجاته التنموية.

خطوة استراتيجية

وأضاف قوشجي في حديثه لـ”الثورة”: إن فتح المجال أمام المصارف العالمية للمشاركة في الجهاز المصرفي السوري يمثل خطوة استراتيجية نحو تنشيط القطاع المالي، وتوسيع أدوات التمويل المتاحة، فهذه المصارف تمتلك خبرات متقدمة في إدارة المخاطر، وتقديم منتجات تمويلية مبتكرة، وتطبيق معايير الحوكمة والشفافية، ما يسهم في تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال: “هنا تبرز أهمية المنافسة المصرفية كعامل محفز لتطوير الأداء وتحسين جودة الخدمات، فوجود منافسة حقيقية بين المصارف المحلية والدولية يدفع نحو ابتكار أدوات تمويل جديدة تلائم احتياجات السوق السورية، مع خفض أسعار الفائدة نتيجة لتنافس المصارف على جذب العملاء وتحسين الكفاءة التشغيلية وتطوير الموارد البشرية المصرفية، ناهيك عن تسريع التحول الرقمي وتقديم خدمات مصرفية ذكية وميسّرة، إضافة إلى تعزيز الشفافية والامتثال للمعايير الدولية في العمل المصرفي.

قيمة

وحول أبرز أساليب التمويل الحديثة التي يمكن تبنيها في هذا السياق، يرى قوشجي أن التمويل الإنتاجي الموجه للقطاعات ذات القيمة المضافة، إضافة إلى التمويل الأخضر للمشروعات المستدامة والتمويل القائم على التدفقات النقدية والصناديق الاستثمارية القطاعية.
قوشجي يفيد أن تعزيز المنافسة المصرفية، إلى جانب تحديث السياسات التمويلية، يشكلان معاً ركيزة أساسية لإعادة بناء الثقة في القطاع المالي، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة في سوريا.

إجراءات

من جانبه يرى المحلل الاقتصادي شادي سليمان أن عملية إعادة الإعمار تتطلب تدفقات مالية ضخمة، ما يفتح المجال أمام المصارف لتقديم التمويل والقروض، إلى جانب الخدمات المصرفية للشركات والمستثمرين.
وأضاف: إن الحكومة السورية أقرت مؤخراً حزمة قوانين وتسهيلات لتشجيع الاستثمار المصرفي، منها إعفاءات ضريبية وتسهيل فتح الاعتمادات وهذا كله جاء نتيجة الطلب المحلي المتزايد جراء عودة النشاط التجاري والصناعي وازدياد الحاجة إلى قنوات تمويل آمنة وموثوقة.

وحول انعكاسات ذلك على الاقتصاد السوري يقول سليمان: إن دخول مصارف جديدة يعزز المنافسة ويزيد من حجم السيولة المتاحة لدعم المشروعات الإنتاجية والخدمية إضافة إلى دعم العملة المحلية، وذلك نتيجة زيادة التدفقات المالية النظامية عبر المصارف من شأنه أن يخفف الضغط على سوق الصرف الموازي، ناهيك عن استعادة الثقة بالقطاع المالي وهذا ما شجع على عودة البنوك الأجنبية والعربية.
إن دخول مصارف جديدة إلى سوريا بعد التحرير يمثل خطوة محورية في إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية، وتمويل مرحلة إعادة الإعمار، لكنه يبقى مرهوناً بمدى قدرة الحكومة على توفير بيئة مالية مستقرة وآمنة، ومعالجة التحديات القانونية والرقابية.

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"