دمشق – عدي الجضعان:
في خطوة مثيرة للجدل، افتتحت “المؤسسة العامة للسينما” تظاهرة أطلقت عليها “أفلام الثورة السورية” بعرض فيلم “نزوح”، للمخرجة سؤدد كعدان، والذي يعرض معاناة المدنيين السوريين بسبب الحرب التي شنها النظام المخلوع عليهم والتي عصفت بالبلاد 14 عاماً، إلا أنه زوّر بعض الحقائق، ما أثار احتجاج ورفض سوريين عايشوا فترة “الثورة السورية”.
أثار العرض موجة من الانتقادات، خصوصاً من الصحفيين والنشطاء الذين اعتبروا أن الفيلم يتضمن تزويراً لحقائق “الثورة السورية”، وأنه أغفل الجوانب الأخرى التي مر بها الشعب السوري خلال تلك الفترة.
يروي الفيلم قصة عائلة تعيش تحت قصف قوات النظام المخلوع، وسط صراع بين الزوج والزوجة على ضرورة الهرب والنزوح، متناولاً قضايا اجتماعية وقضايا أخرى واجهها النازحون السوريون الذين أُجبروا على مغادرة منازلهم.
انتقادات
رغم أن الفيلم يعكس جزءاً من الواقع المؤلم، إلا أن هناك العديد من النقاط التي كانت مغلوطة ومشوهة، وفقاً لرؤية بعض الصحفيين والنشطاء ومن عايش تلك الأحداث عن قرب، حيث اعتبروا أن العمل يعكس جانباً واحداً من القصة السورية ولا يبرز تعقيداتها.
عبّر الصحفي أحمد الأطرش عن استيائه من الطرح الذي قدمه الفيلم، مؤكداً أن “نزوح” لم يكن أميناً في نقل معاناة السوريين، بل وقع في فخ التعميم والنظرة الفوقية.
واعتبر أن الفيلم “أساء للسوريين النازحين من خلال تصوير الخيمة كرمز للعار، بدلاً من أن تكون شاهداً على صبرهم وكرامتهم”.
مضيفاً: “الثورة السورية ليست حدثاً عابراً، بل قصة إنسانية يجب أن تُروى بصدق، بعيداً عن التجميل أو التزييف”.
وتابع الأطرش: “إن الثورة السورية ليست مجرد حدث سياسي، بل قصة إنسانية عميقة، ويجب أن تُروى بأمانة، احتراماً لدماء الشهداء، وصمود المعتقلين، وكرامة النازحين واللاجئين، وإن مسؤولية الفن تكمن في قول الحقيقة، لا في تجميلها أو تبريرها، ولا في إعادة إنتاج روايات تُقصي الضحايا وتُعيد إنتاج الظلم”.
مطالبة بالاعتذار بدوره، يرى الصِحافي أحمد الرحال أن الفيلم عرض تزويراً لأحداث مهمة بالثورة السورية، وروج لرواية لطالما اعتمدها نظام الأسد، وواضعاً اللوم على الجهة الراعية لتظاهرة الأفلام.
وأضاف الرحال: “كان من الضروري مراقبة وتدقيق الأفلام قبل العرض، نحن مع حرية التعبير ولكننا في الوقت نفسه لا نقبل بالتدليس والافتراء، خاصة أننا كنا شاهدين على كل فصول الثورة وخاطرنا بأرواحنا لتوثيقها، وفقدنا الكثير من الزملاء في هذا الطريق ونطالب اليوم بوقف عرض هذا الفيلم، واعتذار رسمي من وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للسينما، وكذلك الجهة التي انتجت الفيلم للشعب السوري وأهل الثورة السورية”.
من جهته، اعتبر الصحفي عدنان الإمام أن الرواية التي عرضت في الفيلم هي نفسها الرواية التي روّج لها النظام البائد على أن الفصائل تستخدم مدنيين لحماية أنفسهم ويختبئون وراءهم كدروع بشرية ويرى أن الفيلم فيه أخطاء إخراجية وإبداعية وقد يبدو ممل للمشاهد وفيه لقطات غير حقيقية غير مستوفية لشروط الإبداع وفيه كثير من الروايات الكاذبة التي لا تمت لواقع السوريين بصلة”.
في ظل هذه الانتقادات، يشكل فيلم “نزوح” قضية مثيرة للجدل في المجتمع السوري.
ويبقى السؤال الأهم: هل سيكون الفن أداة للتوثيق أم سيتحول، إلى أداة في يد من يحاولون رسم صورة معينة للواقع السوري؟